فصلان : تعليق الطلاق بصفة .
فصل : إذا علق طلاق امرأته بصفة ثم أبانها بخلع أو طلاق ثم عاد فتزوجها ووجدت الصفة طلقت ومثاله إذا قال : إن كلمت أباك فأنت طلاق ثم تزوجها فكلمت أباها فإنها تطلق نص عليه أحمد فأما إن وجدت الصفة في حال البينونة ثم تزوجها ثم وجدت مرة أخرى فظاهر المذهب أنها تطلق وعن أحمد ما يدل على أنها لا تطلق نص عليه في العتق في رجل قال لعبده : أنت حر إن دخلت الدار فباعه ثم رجع يعني فشتراه فإن رجع وقد دخل الدار لم يعتق وإن يكون في الطلاق مثله بل أولى لأن العتق يتشوف الشرع إليه ولذلك قال الخرقي : وإذا قال إن تزوجت فالنه فهي طلاق لم تطلق أن تزوجها و قال : إن ملكت فلنا فهو حر فملكه صار حرا وهذا اختيار أبي الحسن التميمي وأكثر أهل العلم يرون أن الصفة لا تعود إذا أبانها بطلاق ثلاث وإن لم توجد الصفة في حال البينونة هذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحد أقوال الشافعي قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لزوجته : أنت طالق ثالثا إن دخلت الدار فطلقها ثلاثا ثم نكحت غيره ثم نكحها الحالف ثم دخلت الدار أنه لا يقع عليها الطلاق وهذا على مذهب مالك و الشافعي وأصحاب الرأي لأن إطلاق الملك يقتضي ذلك فإن أبانها دون الثلاث فوجدت الصفة ثم تزوجها انحلت يمينه في قولهم وإن لم توجد الصفة في البينونة ثم نكحها لم تنحل في قول مالك وأصحاب الرأي وأحد أقوال الشافعي وله قول آخر لا تعود الصفة بحال وهو اختيار المزني و أبي إسحاق لأن الإيقاع وجد قبل النكاح فلم يقع كما لو علقه بالصفة قبل أن يتزوج بها فإنه لا خلاف في أنه لو قال لأجنبية : أنت طالق إذا دخلت الدار ثم تزوجها ودخلت الدار لم تطلق وهذا في معناه فأما إذا وجدت الصفة في حال البينونة انحلت اليمين لأن الشرط وجد قس وقت لا يمكن وقوع الطلاق فيه فسقطت اليمين وإذا انحلت مرة لم يمكن عودها إلا بعقد جديد .
ولنا أن عقد الصفة ووقوعها وجدا في النكاح فيقع كما لو يتخلله بينونة أ و كما لو بانت بما دون الثلاث عند مالك و أبي حنيفة ولم تفعل الصفة وقولهم أن هذا طلاق قبل نكاح قلنا يبطل بما إذا لم يكمل الثلاث وقولهم تنحل الصفة بفعلها قلنا إنما تنحل بفعلها على وجه يحنث به وذلك لأن اليمين حل وعقد ثم ثبت أن عقدها يفتقر إلى الملك فكذلك حلها والحنث لا يحصل بفعل الصفة حال بينونتها فلا تنحل اليمين وأما العتق ففيه روايتان .
إحداهما : أن العتق كالنكاح في أن الصفة لا تنحل بوجودها بعد بيعه فيكون كمسألتنا والثانية : تنحل لأن الملك الثاني لا يبني على الأول في شيء من أحكامه وفارق النكاح فإنه يبنى على الأول في بعض أحكامه وهو عدد الطلاق فجاز أن يبنى عليه في عود الصفة ولأن هذا يفعل حيلة على إبطال الطلاق المعلق والحيل خداع لا تحل ما حرم الله فإن بن ماجة و أبن بطة رويا بإسنادها عن أبي موسى قال : قال رسول الله : [ ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزئون بآياته قد طلقتك قد راجعتك قد طلقتك ] وفي لفظ رواه بن بطة [ خلعتك وراجعت طلقتك راجعتك ] .
وروى بإسناده عن أبي هريرة قال : رسول الله A : [ لاترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ] .
فصل : فإن كانت الصفة لا تعود بعد النكاح الثاني مثل أن قال : إن أكلت هذا الرغيف فأنت طالق ثلاثا ثم أبانها فأكلته ثم نكحها لم يحنق لأن حنثه بوجود الصفة في النكاح الثاني وما وجدت ولا يمكن إيقاع الطلاق بأكلها له حال البينونة لأن الطلاق لا يلحق البائن والله أعلم