مسألتان وفصول : الخلع على غير عوض وحكمه وأكثر أو أقل من المتفق عليه وظهور عيب .
مسالة : قال : وان خالعها على عوض كان خلعا ولا شيء له .
اختلفت الرواية عن أحمد فيه المسالة فروى عنه ابنه عبد الله قال : لأبي رجل علقت به امرأته تقول أخلعني قال قد خلعتك قال : يتزوج بها ويجدد نكاحا جديدا وتكون عنده على اثنتين فظاهر هذا صحة الخلع بغي عوض وهو قول مالك لأنه قطع لنكاح فصح من فير عوض كالطلاق ولان الأصل في مشروعية الخلع أن بوجد من المرأة رغبة عن زوجها وحاجة إلى فراقه فسأله فراقها فإذا أجابها حصل المقصود من الخلع فصح كما لو كان بعوض .
قال أبو بكر : لا خلاف عن أبي عبد الله أن الخلع ما كان من قبل النساء فإذا كان من قبل الرجال فلا نزاع قي انه طلاق تملك به الرجعة ولا يكون فسخا .
والرواية الثانية : لا يكون خلع إلا بعوض روى عنه مهنا لذا قال لها : اخلعي نفسك فقالت : خلعت نفسي لم يكن هلعا إلا على شيء إلا أن يكون نوى الطلاق فيكون ما نوى فعلى هذه الرواية لا يصح الخلع إلا بعض فان تلفظ به بغير عوض ونوى الطلاق كان طلاقا رجعيا لأنه يصلح كناية عن الطلاق وان لم ينوبه الطلاق لم يكن شيئا وهذا قول أبي حنيفة و الشافعي لان الخلع إن كان فسخا فلا يملك الزوج فسخ النكاح ألا بعيبها وكذلك لو قال : فسخت النكاح ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء بخلاف ما إذا دخله العوض فأنه يصير معاوصه فلا يجتمع له العوض والمعوض وإن قلنا الخلع طلاق فليس بصريح فيه اتفاقا وإنما هو كناية والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية او بذل للعوض فيقوم مقام النية وما وجد واحد منهما ثم إن وقع الطلاق فإذا لم يكن بعوض لم يقتض البينونة إلا أن تكمل الثلاث .
فصل : إذا قالت بعني عبدك هذا وطلقني بألف ففعل صح وكان بيعا وخلعا بعوض واحد لأنهما عقدان يصح أفاد كل واحد منهما بعوض فصح جميعهما كبيع ثوبين وقد نص احمد على الجمع بين بيع وصرف انه يصخ وهو نظير لهذا وذكر أصحابنا فيه وجها أخر انه لا يصح لان أحكام العقدين تختلف والأول اصح لما ذكرنا و للشافعي فيه قولان أيضا فعلى قولنا يتقسط الألف على الصداق المسمى وقيمة العبد فيكون عوض الخلع8 ما يخص المسمى وعوض العبد يخص ما يخص حتى لو ردته بعيب رجعت بذلك وان وجدته حرا أو مغصوبا رجعت لأنه عوضه فان كان العبد شقص مشفوع ففيه الشفعه ويأخذ الشفيع بحصة قيمته من ألالف لأنها عوضه .
فصل : وان خالعها على نصف دار صح ولا شفعة فيه لانه عوض عما لا قيمة له ويتخرج إن فيه شفعة لان له عوضا وهل يأخذه الشفيع بقيمته او بمثل المهر على وجهين فإما إن خالعها ودفع إليها ألفا بنصف دارهم صح ولاشفعه أيضا وقال أبو يوسف ومحمد : تجب الشفعة فيما قابل الألف لأنه عوض مال .
ولنا أن إجاب الشفعة تقوم للبضع في حق غير الزوج والبضع لايتقوم في حق ولا الزوج ملك الشقص صفقة واحدة من شخص واحد فلا يجوز للشفيع اخذ بعضه كما لو اشتراه بثمن واحد .
مسالة : قال : ولو خالعها على ثوب فخرج معيبا فهو مخير بين أن يأخذ ارش العي أو قيمة الثوب ويرده .
وجمله ذلك ان الخلع يستحق فيه رد عوضه بالعيب أو أخذا لأرش لأنه عوض في معاوضة فيستحق فيه ذلك كالبيع والصداق ولا يهلو إما أن يكون على معين ممثل ان تقول : اخلعني على هذا الثوب فيقول : خلعتك ثم يجد به عيبا لم يكن علم به فهو مخير بين رده واخذ قيمته وبين اخذ ارشه وان قال : إن أعطيتني وهذا الثوب فانت طالق فأعطته إياه طلقت وملكه قال أصحابنا : والحكم فيه لو خالعها عليه وهذا مذهب الشافعي إلا انه لا يجعل له ألمطالبه بالأرش مع إمكان رده وهذا اصل ذكرناه في البيع وله ايضا نقول انه اذا رده رجع بمهر المصل وهذا الأصل ذكر قي الصداق .
وان خالعها على ثوب موصوف في الذمة واستقصى صفات السلم صح وعليها ان تعطيه اياه سليما لان اطلاق ذلك يقتضي السلامة كما في البيع والصداق فان دفعته اليه معيبا او ناقصا عن الصفات المذكورة قله الهيار بين امساكه او رده والمطالبة بثوب سليم علىتلك الصفة لانه انما وجب في الذمة سليما تام الصفات فيرحع بما وجب له لانها ما اعطته الذي وجب له عليها وان قال أن أعطيتني ثوبا صفته كذا وكذا فأعطته ثوبا علة تلك الصفات طلقت وملكه وان أعطته ناقصا صفة لم يقع الطلاق ولن يملكه لانه ما وجد الشرط فان كان على الصفة لكن به عيب وقع الطلاق لوجود شرطه قال القاضي : ويتخير بين إمساكه ورده والرجوع بقيمته وهذا قول الشافعي الاان له قولا انه يرجع بمهر المثل على ما ذكرنا وعلى ما قلنا نحن فيما تقدم انه إذا قال : إن أعطيتني هذا العبد فأعطته إياه معيبا طلقت وليس له شيء سواه وقد نص احمد على من قال : إن أعطيتني هذا ألالف فأنت طالق فأعطته إياه فوجده معيبا فليس له البدل وقال أيضا : إذا قال إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فإذا أعطته عبدا فهي طالق ويملكه وهذا يدل على أن كل موضع قال : إن أعطيتني كذا فأعطته إياه فليس له غيره وذلك لان الانسان لا يلزمه في ذمته شيء إلا بإلزام أو التزام ولم يرد الشرع بإلزامها هذا ولا هي التزمتة له وإنما علق طلاقها على شرط وهو عطيتها له ذلك فلا يلزمها شيء سواه ولأنها لم تدخل معه في معاوضة وإنما حققت شرط الطلاق فأشبه ما لو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت أو ما لو قال : أن أعطيت أباك عبدا فأنت طالق فأعطته إياه .
فصل : إذا إن أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فأعطته ألفا أو اكثر طلقت لوجود الصفه وان أعطته دون ذلك لم تطلق لعدمها وان أعطته ألفا وازنة تنقص في العدد طلقت وان أعطته ألفا عددا تنقص في الوزن لم تطلق لان إطلاق الدرهم ينصرف الى الوازن من دراهم الإسلام وهي ما كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل ويحتمل أن الدراهم متى كانت تنفق برؤوسها من غير وزن طلقت لأنها يقع عليها اسم الدراهم ويحصل منها مقصودها ولا تطلق إذا أعطتهوزنةقص في العدد لذلك وان أعطته ألفا رديئة كنحاس فيها أو رصاص أو نحو لم تطلق لان إطلاق الألف يتناول ألفا من الفضة وليس في هذه ألف من الفضة وان زادت على الألف بحيث يكون فيها ألف فضة طلقت لأنها قد أعطته ألفا فضة وان أعطته سبيكة تبلغ ألفا لم تطلق لأنها لا تسمى دراهم فلم بوجد الصفة بخلاف المغشوشة فانهما تسمى دراهم وان أعطته ألفا رديء الجنس لخشونة او سواد او كانت وحشة السكة طلق5ت لان الصفة وجدت قال القاضي : وله ردها واخذ بدلها وهذا قد ذكرناه في المسالة التي قبلها .
فصل : وان قال : اعطيتني ثوبا ذمروياطلقت وان خالعها على مروي فاعطته هروبا فلخلع واقع ويطالبها بما خالعها عليه وان خالتعها على ثوب بعينه هبة انه مروي فباغن هرويا فالهلع صحيح لان جنسهما واحد وإنما ذلك اختلاف صفة فجرة مجرى العيب في العوض وهو مخير بين إمساكه ولا شيء له غيره وبين رده وقيمته لو كان مرويا لان مخالفة الصفة بمنزلة الغيب في جواز الرد .
وقال ابو الخطاب : وعندي لا يستحق شيئا سواه لان الهلع على عينه وقد أخذه وان خالعها على ثوب على انه قطن فبان كتانا لزم رده ولم يكن له إمساك لأنه جنس آخر واختلاف الأجناس واختلاف الأعيان بخلاق ما لو خالعها على مروي فخرج هرويا فان الجنس واحد .
فصل : وكل موضع علق طلاقها على عطيتها إياه فمتى أعطته على صفة يمكنه القبض وقع الطلاق سواء بضعه منها أو لم يقبضه لان العطية وجدت فانه يقال أعطته فلم يأخذ ولأنه علق اليمين على فعل من جهتها والذي من جهتها في العطية البذل على وجه يمكنه قبضه فان هرب الزوج أو غاب قبل عطيتها أو قالت : يضمنه لك زيد او اجعله قصاصا مما لي عليك أو أعطته به رهنا أو إحالته به لم يقع الطلاق لان العطية ما وجدت ولا يقع الطلاق بدون شرطة وكذلك كل موضع تعذر العطية فيه لا يقع الطلاق سواء كان التعذر من جهته أو من جهتها أو من جهة غيرهما لانتفاء الشرط ولو قالت : طلقني بألف فطلقها استحق الألف وبانت وان لم يقبض نص عليه احمد : ولو قالت لا أعطيك شيئا يأخذها بالألف يعني ويقع الطلاق لان هنا ليس بتعليق على شرط بخلاف الأول