فصلان : حرمة منعة التصاوير ودخول منزل فيه صورة .
فصل : وصنعة التصاوير محرمة على فاعلها لما روى ابن عمر [ عن النبي A أنه قال : الذين يصنعون هذه الصورة يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم ] و [ عن مسروق قال دخلنا مع عبد الله بيتا فيه تماثيل فقال لتمثال منها تمثال من هذا قالوا تمثال مريم قال عبد الله قال رسول الله : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ] متفق عليهما والأمر بعمله محرم كعمله .
فصل : فأما دخول منزل فيه صورة فليس بمحرم وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة للداعي بإسقاط حرمته لإيجاده المنكر في داره ولا يجب على من رآه في منزل الداعي الخروج في ظاهر كلام أحمد فإنه قال في رواية الفضل : إذا رأى صورا على الستر لم يكن رآها حين دخل قال : هو أسهل من أن يكون على الجدار قيل : فإن لم يره إلا عند وضع الخوان بين أيديهم أيخرج ؟ فقال لا تضيق علينا ولكن إذا رأى هذا وبخهم ونهاهم يعني لا يخرج وهذا مذهب مالك فإنه كان يكرهها تنزها ولا يراها محرمة وقال أكثر أصحاب الشافعي : إذا كانت الصور على الستر أو ما ليس بموطوئ لم يجز له الدخول لأن الملائكة لا تدخله ولأنه لو لم يكن محرما لما جازترك الدعوة الواجبة من أجله .
ولنا ما [ روي أن النبي A دخل الكعبة فرأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام فقال : قاتلهم الله لقد علموا أنهما ما استقسما بها قط ] رواه أبو داود وما ذكرنا من خبر عبد الله أنه دخل بيتا فيه تماثيل وفي شروط عمر Bه على أهل الذمة أن يوسعوا أبواب كنائسهم وبيعهم ليدخلها المسلمون للمبيت بها والمارة بدوابهم وروى ابن عائد في فتوح الشام أن النصارى صنعوا لعمر Bه حين قدم الشام طعاما فدعوه فقال أين هو ؟ قالوا في الكنيسة فأبى أن يذهب وقال لعلي : أمض بالناس فليتغدوا فذهب علي Bه بالناس فدخل الكنيسة وتغدى هو المسلمون وجعل علي ينظر إلى الصور وقال ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل وهذا اتفاق منهم على إباحة دخولها وفيها الصورة ولأن دخول الكنائس والبيع غير محرم فكذلك المنازل التي فيها الصور وكون الملائكة لا تدخله لا يوجب تحريم دخوله علينا كما لو كان فيه كلب ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرس مع أن الملائكة لا تصحبهم وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة لفاعله وزجرا له عن فعله والله أعلم