فصلان : للمرأة أن تمنع نفسها حتى تتسلم الصداق الحال فإن اعسر فلها الفسخ .
فصل : فإن منعت نفسها حتى تتسلم صداقها وكان حالا فلها ذلك قال ابن المنذر : وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها وإن قال الزوج لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها ومذهب الشافعي في هذا على نحو مذهبه في البيع .
ولنا أن إجبارها على تسليم نفسها أولا خطر إتلاف البضع والإمتناع من بذل الصداق فلا يمكن الرجوع في البضع بخلاف البيع الذي يجبر على تسليمه قبل تسليم ثمنه فإذا تقرر هذا فلها النفقة ما امتنعت لذلك وإن كان معسرا بالصداق لأن امتناعها بحق وإن كان الصداق مؤجلا فليس لها منع نفسها قبل قبضه لأن رضاها بتأجيله رضا بتسليم نفسها قبل قبضه كالثمن المؤجل في البيع فإن حل المؤجل قبل تسليم نفسها لم يكن لها منع نفسها أيضا لأن التسليم قد وجب عليها واستقر قبل قبضه فلم يكن لها أن تمتنع منه وإن كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا فلها منع نفسها قبل قبض العاجل دون الآجل وإن كان الكل حالا فلها منع نفسها على ما ذكرنا فإن سلمت نفسها قبل قبضه ثم أرادت منع نفسها حتى تقبضه فقد توقف أحمد عن الجواب فيها وذهب أبو عبد الله بن بطة و ابو إسحاق بن شاقلا إلى أنها ليس لها ذلك وهو قول مالك و الشافعي و أبي يوسف و محمد لأن التسليم استقر به العوض فرضي المسلم فلم يكن لها أن تمتنع منه بعد ذلك كما لو سلم البائع المبيع وذهب أبو عبد الله بن حامد إلى أن هلا ذلك وهو مذهب أبي حنيفة لأنه تسليم يوجبه عليها عقد النكاح فملكت أن تمتنع منه قبل قبض صداقها كالأول فأما إن وطئها مكرهة لم يسقط به حقها من الإمتناع لأنه حصل بغير رضاها كالبيع إذا أخذه المشتري من البائع كرها وإن أخذت الصداق فوجدته معيبا فلها منع نفسها حتى يبدله أو يعطيها أرشه لأن صداقها صحيح وإن لم تعلم عيبه حتى سلمت نفسها خرج على الوجهين فيما إذا سلمت نفسها قبل قبض صداقها ثم بدا لها أن تمتنع وكل موضع قلنا لها الامتناع من تسليم نفسها فلها السفر بغير إذن الزوج لأنه لم يثبت للزوج عليها حق الحبس فصارت كمن لا زوج لها ولو بقي منه درهم كان كبقاء جميعه لأن كل من ثبت له الحبس بجميع البدل ثبت له الحبس ببعضه كسائر الديون .
فصل : وإن أعسر الزوج بالمهر الحال قبل الدخول فلها الفسخ لأنه تعذر الوصول إلى عوض العقد قبل تسليم العوض فكان لها الفسخ كما لو أعسر المشتري بالثمن قبل تسليم المبيع وإن أعسر بعد الدخول فعلى وجهين مبنيين على منع نفسها فإن قلنا لها منع نفسها بعد الدخول فلها الفسخ كما قبل الدخول وإن قلنا ليس لها منع نفسها فليس لها الفسخ كما لو أفلس بدين لها آخر ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم لأنه مجتهد فيه