مسألة وفصل : وليس عليه دفع نفقة زوجته إذا كان مثلها لا يوطأ أو لعارض .
مسألة : قال : وليس عليه دفع نفقة زوجته إذا كان مثلها لا يوطأ أو منع منها بغير عذر فإن كان المنع من قبله لزمته النفقة .
وجملة ذلك أن المرأة إذا كانت لا يوطأ مثلها لصغرها فطلب وليها تسليمها والإنفاق عليها لم يجب ذلك على الزوج لأن النفقة في مقابلة الاستمتاع ولهذا تسقط بالنشوز وهذه لا يمكنه الاستمتاع بها وإن كانت كبيرة فمنعته نفسها أو منعها أولياؤها فلا نفقة لها أيضا لأنها في معنى الناشز لكونها لم تسلم الواجب عليها فلا يجب تسليم ما في مقابلته من الإنفاق وكل موضع لزمته النفقة لزمه تسليم الصداق إذا طولب به فأما الموضع الذي لا تلزمه نفقتها فيه كالغصير والمانعة نفسها فقال أبو عبد الله بن حامد : يجب تسليم الصداق وهو قول الشافعي لأن المهر في مقابلة ملك البضع وقد ملكه بخلاف النفقة فإنها في مقابلة التمكين ورد قوم هذا وقالوا المهر قد ملكته في مقابلة ما ملكه من بضعها فليس لها المطالبة بالاستيفاء إلا عند إمكان الزوج استيفاء العوض .
فصل : وإمكان الوطء في الصغيرة معتبر بحالها واحتمالها لذلك قاله القاضي : وذكر أنهن يختلفن فقد تكون صغيرة السن تصلح وكبيرة لا تصلح وحده أحمد بتسع سنين فقال في رواية أبي الحارث في الصغيرة يطلبها زوجها : فإن أتى عليها تسع سنين دفعت إليه ليس أن يحبسوها بعد التسع وذهب في ذلك إلى النبي A بنى بعائشة وهي ابنة تسع قال القاضي : وهذا عندي ليس على طريق التحديد وإنما ذكره لأن الغالب أن ابنة تسع يتمكن من الاستمتاع بها فمتى كانت لا تصلح للوطء لم يجب على أهلها تسليمها إليه وإن ذكر أنه يحضنها ويربيها وله من يخدمها لأنه لا يملك الاستمتاع بها وليست له بمحل ولا يؤمن شرة نفسه إلى مواقعتها فيفضها أو يقتلها وإن طلب أهلها دفعها إليه فامتنع فله ذلك ولا تلزمه نفقتها لأنه لا يمكن من استيفاء حقه منها وإن كانت كبيرة إلا أنها مريضة مرضا مرجو الزوال لم يلزمها تسليم نفسها قبل برئها لأنه مانع مرجو الزوال فهو كالصغر ولأن العادة لم تجر بزف المريضة إلى زوجها والتسليم في العقد يجب على حسب العرف فإن سلمت نفسها فتسلمها الزوج فعليه نفقتها لأن المرض عارض يعرض ويتكرر فيشق إسقاط النفقة به فجرى مجرى الحيض ولهذا لو مرضت بعد تسليمها لم تسقط نفقتها وإن امتنع من تسليمها فله ذلك ولا تلزمه نفقتها لأنه لما لم يجب تسليمها إليه لم يجب عليها تسلمها كالصغيرة ولأن العادة لم تجر بتسليمها على هذه الصفة وقال القاضي : يلزمه تسلمها وإن امتنع فعليه نفقتها لما ذكرنا من أنه عارض لا يمكن التحرز منه ويتكرر فأشبه الحيض فأما إن كان المرض غير مرجو الزوال لزم تسليمها إلى الزوج إذا طلبها ولزمه تسلمها إذا عرضت عليها لأنها ليست لها حالة يرجى زوال ذلك فيها فلو لم تسلم نفسها لم يفد التزويج فائدة وله أن يستمتع بها فإن كانت نضوة الخلق وهو جسيم تخاف على نفسها الإفضاء من عظم خلقه فلها منعه من جماعها وله الاستمتاع بها في ما دون الفرج وعليه نفقتها ولا يثبت له خيار الفسخ لأن هذه يمكن الاستمتاع بها لغيره وإنما امتناع الاستمتاع لمعنى فيه وهو عظم خلقه بخلاف الرتقاء وإن طلب تسليمها إليه وهي حائض احتمل أن لا يجب ذلك لأنه خلاف العادة فأشبه المرض المرجو والزوال واحتمل وجوب التسليم لأنه يزول قريبا ولا يمنع من الاستمتاع بما دون الفرج فإذا طلب ذلك لم يجز منعه منه كما لم يجز لها منعه منه بعد تسلمها وإن عرضت عليه فأباها حتى تطهر فعلى قول القاضي يلزمه تسلمها ونفقتها إن امتنع منه ويتخرج على ما ذكرنا أن لا يلزمه ذلك كالمرض المرجو الزوال