مسألة وفصول : تبوت مهر المثل للمفوضة بموتها أو موت الزوج وتحديد مهر المثل .
مسألة : قال : ولو مات أحدهما قبل الإصابة وقبل الفرض ورثه صاحبه وكان لها مهر نسائها .
أما الميراث فلا خلاف فيه فإن الله تعالى فرض لكل واحد من الزوجين فرضا وعقد الزوجية ههنا صحيح ثابت فورث به لدخوله في عموم النص وأما الصداق فإنه يكمل لها مهر نسائها في الصحيح من المذهب وإليه ذهب ابن مسعود و ابن شبرمة و ابن أبي ليلى و الثوري و إسحاق وروي عن علي وابن عباس وابن عمر و الزهري و ربيعة و مالك و الأوزاعي لامهر لها لأنها فرقة وردت على تفويض صحيح قبل فرض ومسيس فلم يجب بها مهر كفرقة الطلاق وقال أبو حنيفة كقولنا في المسلمة وكقولهم في الذمية وعن أحمد رواية أخرى لا يكمل ويتنصف ول الشافعي قولان كالروايتين .
ولنا ما روي أن عبد الله بن مسعود Bه قضى لامرأة لم يفرض لها زوجها صداقا ولم يدخل بها حتى مات ! فقال : لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله A في بروع ابنة واشق مثل ما قضيت قال الترمذي : هذا حديث صحيح وهو نص في محل النزاع ولأن الموت معنى يكمل به المسمى فكمل به مهر المثل لمفوضة كالدخول وقياس الموت على الطلاق غير صحيح فإن الموت يتم به النكاح فيكمل به الصداق والطلاق يقطعه ويزيله قبل إتمامه ولذلك وجبت العدة بالموت قبل الدخول ولم تجب بالطلاق وكمل المسمى بالموت ولم يكمل بالطلاق وأما الذمية فإنها مفارقة بالموت فكمل لها الصداق كالمسلمة أو كما سمى لها ولأن المسلمة والذمية لا يختلفان في الصداق في موضع فيجب أن لا يختلفا ههنا .
فصل : قوله لها مهر نسائها يعني مثلها من أقاربها وقال مالك تعتبر بمن هي في مثل كمالها ومالها وشرفها ولا يختص بأقربائها لأن الأعواض إنما تختلف بذلك دون الأقارب .
ولنا قوله في حديث ابن مسعود لها مهر نسائها ونساؤها أقاربها وما ذكره فنحن نشترطه معه أن تكون من نساء أقاربها لأنها أقرب اليهن وقوله لا يختلف ذلك بإختلاف الأقارب لا يصح فإن المرأة تطلب لحسبها كما جاء في الأثر وحسبها يختص به أقاربها فيزداد المهر لذلك ويقل وقد يكون الحي وأهل القرية لهم عادة في الصداق ورسم مقرر لا يشاركهم فيه غيرهم ولا يغيرونه بتغير الصفات فيكون الاعتبار بذلك دون سائر الصفات واختلفت الرواية عن أحمد في من يعتبر من أقاربها فقال في رواية حنبل لها مهر مثلها من نسائها من قبل أبيها فاعتبرها بنساء العصبات خاصة وهذا مذهب الشافعي وقال في رواية إسحاق بن هانئ : لها مهر نسائها مثل أمها أو أختها أو عمتها أو بنت عمها اختاره أبو بكر و هو مذهب أبي حنيفة و ابن أبي ليلى لأنهن من نسائها والأول أولى فإنه قد روي في قصة بروع أن رسول الله A قضى في بروع بنت واشق بمثل مهر نساء قومها ولأن شرف المرأة معتبر في مهرها وشرفها بنسبها وأمها وخالتها لا تساويانها في نسبها فلا تساويانها في شرفها وقد تكون أمها مولاة وهي شريفة وقد تكون أمها شريفة وهي غير شريفة وينبغي أن يعتبر الأقرب فالأقرب فأقرب نساء عصباتها إليها أخواتها ثم عماتها ثم بنات عمها الأقرب فالأقرب ويعتبر أن تكون في مثل حالها في دينها وعقلها وجمالها ويسارها وبكارتها وثيوبتها وصراحة نسبها وكل ما يختلف لأجله الصداق وأن تكون من أهل بلدها لأن عادة البلاد تختلف في المهر وإنما اعتبرت هذه الصفات كلها لأن مهر المثل إنما هو بدل متلف فاعتبرت الصفات المقصودة فيه فإن لم يكن في عصباتها من هو في مثل حالها فمن نساء أرحامها كأمها وجداتها وخالاتها وبناتهن فإن لم يكن فأهل بلدها فإن لم يكن فنساء أقرب البلدان إليها فإن لم يوجد إلا دونها زيد لها بقدر فضيلتها وإن لم يوجد الأخير منها نقصت بقدر نقصها .
فصل : ولا يجب مهر المثل إلا حالا لأنه بدل متلف فأشبه قيم المتلفات ولا يكون إلا من نقد البلد لما ذكرناه ولا تلزم الدية لأنها لا تختلف بإختلاف صفات المتلف لأنها مقدرة بالشرع فكانت بحكم ما جعل من الحلول والتأجيل فلا يعتبر بها غيرها ولأنها عدل بها عن سائر الأبدال في من وجبت عليه وكذلك في تأجيلها تخفيفا عنه بخلاف غيرها فإن كانت عادة نسائها تأجيل المهر ففيه وجهان : .
أحدهما : يفرض حالا لذلك والثاني : يفرض مؤجلا لأن مهر مثلها مؤجل وإن كان عادتهم أنهم إذا زوجوا من عشيرتهم خففوا وإن زوجوا غيرهم ثقلوا اعتبر ذلك وهذا مذهب الشافعي فإن قيل : فإذا كان مهر المثل بدل متلف يجب أن لا يختلف بإختلاف المتلف كسائر المتلفات قلنا النكاح يخالف سائر المتلفات فإن سائر المتلفات المقصود بها المالية خاصة فلم تختلف بإختلاف المتلفين والنكاح يقصد به أعيان الزوجين فاختلف بإختلافهم ولأن سائر المتلفات بإختلاف العوائد والمهر يختلف بالعادات فإن المرأة إذا كانت من قوم عادتهم تخفيف مهور نسائهم وجب مهر المرأة منهم خفيفا وإن كانت أفضل وأشرف من نساء من عادتهم تثقيل المهر وعلى هذا متى كانت عادتهم التخفيف لمعنى مثل الشرف أو اليسار ونحو ذلك اعتبر جريا على عادتهم والله أعلم .
فصل : إذا زوج السيد عبده أمته فقال القاضي لا يجب مهر لأنه لو وجب لوجب لسيدها ولا يجب للسيد على عبده مال وقال أبو الخطاب يجب المسمى أو مهر المثل إن يكون مسمى كيلا يخلو النكاح عن مهر ثم يسقط لتعذر إثباته .
وقال أبو عبد الله : إذا زوج عبده من أمته فأحب أن يكون بمهر وشهود قيل : فإن طلقها ؟ قال : يكون الصداق عليه إذا أعتق قيل : فإن زوجها منه بغير مهر ؟ قال : قد اختلفوا فيه فذهب جابر إلى أنه جائز