فصول : جعل تعاليم القرآن مهرا .
فصل : فإن أصدقها تعليم سورة لا يحسنها نظرت فإن قال أحصل لك تعليم هذه السورة صح لأن هذه منفعة في ذمته لا تختص به فجاز أن يستأجر عليها من لا يحسنها كالخياطة إذا استأجر من يحصلها له وإن قال علي أن أعلمك فذكر القاضي في الجامع أنه لا يصح لأنه تعين بفعله وهو لا يقدر عليه فأشبه ما لو استأجر من لا يحسن الخياطة ليخيط له وذكر في المجرد أنه يحتمل الصحة لأن هذه تكون في ذمته فأشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته لا يقدر عليه في الحال .
فصل : فإن جاءته بغيرها فقالت علمه السورة التي تريد تعليمي إياها لم يلزمه لأن المستحق عليه العمل في عين فلم يلزمه إيقاعه في غيره كما لو استأجرته لخياطة ثوبه فأتته بغيره فقالت خط هذا ولأن المتعلمين يختلفون في التعليم إختلافا كثيرا ولأن له غرضا فلا يجبر على تعليم غيرها وإن أتاها بغيره يعلمها لم يلزمها قبول ذلك لأن المعلمين يختلفون في التعليم ولأن لها غرضا في التعليم منه لكونه زوجها تحل له ويحل لها ولأنه لما لم يلزمه تعليم غيرها لم يلزمها التعليم من غيره قياسا لأحدهما على الآخر .
فصل : فإن تعلمتها من غيره أو تعذر عليه تعليمها فعليه أجر فإن اختلفا فقال : علمتكها فأنكرت فالقول قولها لأن الأصل عدم تعليمها وفيه وجه آخر إنهما إن اختلفا بعد أن تعلمتها فالقول قوله لأن الظاهر معه وإن علمها السورة ثم نسيتها فلا شيء عليه لأنه قد وفى لها بما شرط وإنما تلف الصداق بعد القبض وإن لقنها الجميع وكلما لقنها آية نسيتها لم يعتد بذلك تعليما لأن ذلك لا يعد تعليما ولو جاز ذلك لأفضى إلى أنه متى قرأها فقرأتها بلسانها من غير حفظ كان تلقينا ويحتمل أن يكون ذلك تلقينا لأنه قد لقنها الآية وحفظتها فأما ما دن الآية فليس بتلقين وجها واحدا .
فصل : فإن طلقها قبل الدخول بعد تعليمها السورة رجع عليها بنصف أجر تعليمها لأن الطلاق قبل الدخول يوجب الرجوع بنصف الصداق وإن لم يكن علمها فقيه وجهان : .
أحدهما : عليه نصف أجر تعليمها لأنها قد صارت أجنبية فلا يؤمن في تعليمها الفتنة .
والثاني : يباح له تعليمها من وراء حجاب من غير خلوة بها كما يجوز له سماع كلامها في المعاملات وإن كان الطلاق بعد الدخول ففي تعليمها السورة الوجهان وإن أصدقها رد عبدها من مكان معين فطلقها قبل الدخول وقبل الرد وقبل الرد فعليه نصف أجر الرد لأنه لا يمكنه نصف الرد وإن طلقها بعد الرد رجع عليها بنصف أجره .
فصل : ولو أصدق الكتابية تعليم سورة من القرآن لم يجز ولها مهر المثل وقال الشافعي يصح لقوله تعالى : { حتى يسمع كلام الله } .
ولنا أن الجنب يمنع قراءة القرآن مع إيمانه واعتقاده أنه حق فالكافر أولى وقد [ قال النبي A : لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم ] فالتحفظ أولى أن يمنع منه فأما الآية التي احتجوا بها فلا حجة لهم فيها فإن السماع غير الحفظ وإن أصدقها أو أصدق المسلمة تعليم شيء من التوراة والإنجيل لم يصح في المذهبين لأنه مبدل مغير ولو أصدق الكتابي الكتابية شيئا من ذلك كان كما لو أصدقها محرما