مسألة حكم تزوج المسلم الأمة المسلمة وما يشترط له .
مسألة : قال : ولا لحر مسلم أن يتزوج أمة مسلمة إلا أن لا يجد طولا لحرة مسلمة ويخاف العنت .
الكلام في هذه المسألة في شيئين أحدهما : أنه يحل له نكاح الأمة المسلمة إذا وجد فيه الشرطان عدم الطول وخوف العنت وهذا وقول عامة العلماء لا نعلم بينهم اختلافا فيه والأصل فيه قول سبحانه : { ومن لم يستطع منكم طولا } الآية والصبر عنها مع ذلك خير وأفضل لقول الله تعالى : { وأن تصبروا خير لكم } والثاني : إذا عدم الشرطان أو أحدهما لم يحل نكاحها لحر روي ذلك عن جابر وابن عباس وبه قال عطاء و طاوس و الزهري و عمرو بن دينار و مكحول و مالك و الشافعي و إسحاق .
وقال مجاهد مما وسع الله على هذه الأمة نكاح الأمة وإن كان موسرا وبه قال أبو حنيفة إلا أن يكون تحته حرة لأن القدرة على النكاح لا تمنع النكاح كما يمنعه وجود النكاح كنكاح الأخت والخامسة وقال قتادة و الثوري إذا خاف العنت حل له نكاح الأمة وإن وجد الطول لأن إباحتها لضرورة خوف العنت وقد وجدت فلا يندفع إلا بنكاح الأمة فأشبهه عادم الطول .
ولنا قول الله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } ـ إلى قوله ـ { ذلك لمن خشي العنت منكم } فشرط في نكاحها عدم استطاعة الطول فلم يجز مع الاستطاعة كالصوم في كفارة الظهار مع عدم استطاعة الاعتاق ولأن في تزويج الأمة إرقاق ولده مع الغنى عنه فلم يجز كما لو كان تحته حرة وقياسهم ليس بصحيح فإن نكاح الخامسة والأخت إنما حرم لأجل الجمع وبالقدرة على الجمع لا يصير جامعا والعلة ههنا هو الغنى عن إرقاق ولده وذلك يحصل بالقدرة على نكاح الحرة وأما من يجد الطول ويخاف العنت فإن كان ذلك لكونه لا يجد إلا حرة صغيرة أو غائبة أو مريضة لا يمكن وطؤها أو وجد مالا ولم يتزوج لقصور نسبه فله نكاح الأمة لأنه عاجز عن حرة تعفه وإن كانت الحرة في حبالة غيره فله نكاح أمة نص عليه أحمد في الغائبة وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال بعضهم لا يجوز لوجدان الطول .
ولنا أنه غير مستطيع الطول إلى حرة تعفه فأشبه من لا يجد شيئا ألا ترى أن الله سبحانه جعل ابن السبيل الذي له اليسار في بلده فقيرا لعدم قدرته عليه في الحال فإن كانت له حرة يتمكن من وطئها والعفة بها فليس بخائف العنت