فصل في المجنونة .
فصل في المجنونة : إن كانت ممن تجبر لو كانت عاقلة جاز تزويجها لم يملك إجبارها لأنه إذا ملك إجبارها مع عقلها وامتناعها فمع عدمه أولى وإن كانت ممن لا يجبر انقسمت ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون وليها للأب أو وصية كالثيب الكبيرة فهذه يجوز لوليها تزويجها ذكره القاضي وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه جعل للأب تزويج المعتوه فالمرأة أولى وهذا قول الشافعي و أبي حنيفة ومنع منه أبة بكر لأنها ولاية إجبار وليس على الثيب ولاية إجبار والأول أصح فإن ولاية الإجبار إنما انتفت عن العاقلة لرأيها لحصول المباشرة منها والخبرة وهذه بخلاف ذلك وكذلك الحكم في الثيب الصغيرة إذا قلنا بعدم الإجبار في حقها إذا كانت عاقلة .
القسم الثاني : أن يكون وليها الحاكم ففيها وجهان : أحدهما : ليس له تزويجها بحال لأن هذه ولاية إجبار فلا تثبت لغير الأب كحال عقلها والثاني : له تزويجها إذا ظهر منها شهوة للرجال كبيرة كانت أو صغيرة وهو إختيار ابن حامد وأبي الخطاب وقول أبي حنيفة لأن بها حاجة إليه لدفع ضرر الشهوة عنها وصيانتها عن الفجور وتحصيل المهر والنفقة والعفاف وصيانة العرض ولا سبيل إلى إذنها فأبيح تزويجها كالثيب مع أبيها وكذلك ينبغي أن يملك تزويجها وإن قال أهل الطب ان علتها تزول بتزويجها لأن ذلك من أعظم مصالحها وقال الشافعي لا يملك تزويج الصغيرة بحال ويملك تزويج الكبيرة إذا قال أهل الطب ان علتها تزول بتزوجها .
ولنا أن المعنى المبيح للتزويج وجد في حق الصغيرة فأبيح تزويجها كالكبيرة إذا ظهرت منها شهوة الرجال ففي تزويجها مصلحتها ودفع حاجتها فأشبه ما لو قال أهل الطب أنه يزيل علتها وتعرف شهوتها من كلامها وقرائن أحوالها كتتبعها الرجال وميلها إليهم وأشباه ذلك القسم الثالث : من وليها غير الأب والحامن فقال القاضي لا يزوجها غير الحاكم فيكون حكمها حكم القسم الثاني على ما بيناه .
وقال أبو الخطاب لهم تزويجها في الحال التي يملك الحاكم تزويج موليته فيها وهذا قول أبي حنيفة لأن ولايتهم مقدمة على ولاية الحاكم فقدموا عليه في التزويج كما لو كانت عاقلة ووجه قول القاضي أن الحاكم هو الناظر لها في مالها دونهم فيكون واليا دونهم كتزويج أمتها ولأن هذا دفع حاجة ظاهرة فكانت إلى الحاكم كدفع حاجة الجوع والعري فإن كان لها وصي في مالها لم يتملك تزويجها لأنه لا ولاية له في نكاحها والحكم في تزويجها حكم من وليها غير الأب والحاكم علة ما ذكرنا