مسألة وخمسة فصول .
مسألة : قال : وخمس مقسوم في صليبة بني هاشم وبين المطلب ابني عبد مناف حيث كانوا للذكر مثل حظ الأنثيين .
يعني بقوله في صليبة بني هاشم أولاده دون من يعد معهم من مواليهم وحلفائهم وفي هذه المسألة فصول خمسة : .
الفصل الأول : أن سهم ذي القربى ثابت بعد موت النبي A وقد مضى ذكر ذلك والخلاف فيه وقد ذكرهم الله تعالى في كتابه من ذوي السهام وثبت أن النبي A كان يعطيهم فروى جبير بن مطعم قال [ وضع رسول الله A سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب وترك بني نوفل وبني عبد شمس ] وذكر الحديث رواه أبو داود ولم يأت لذلك نسخ ولا تغيير فوجب القول به والعمل لحكمه قال احمد حدثنا وكيع حدثنا أبو معشر عن المقبري قال كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى فكتب ابن عباس إنا كنا نزعم أنه لنا فأبى ذلك علينا قومنا قال أحمد : أنا أذهب إلى أنه لقرابة النبي A على ما قال ابن عباس هو لنا .
الفصل الثاني : أن ذا القربى هم بنو هاشم وبنو المطلب ابني عبد مناف دون غيرهم بدليل ما روى جبير بن مطعم قال [ لما قسم رسول الله A سهم ذي القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب أتيت أنا وعثمان بن عفان رسول الله A فقلنا يا رسول الله أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة فقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه ] وفي رواية : [ أنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام ] رواه أحمد و البخاري فرعى لهم النبي A نصرتهم وموافقتهم بني هاشم ومن كانت أمه منهم وأبوه من غيرهم لم يستحق شيئا لأن النبي A لم يدفع إلى أقارب أمه وهم بنو زهرة شيئا وإنما دفع إلى أقارب أبيه ولو دفع إلى أقارب أمه لدفع إلى بني زهرة وخبر جبير يدل على أنه لم يعطهم شيئا ولم يدفع أيضا إلى بني عماته وهم الزبير بن العوام وعبد الله والمهاجر ابنا أبي أمية وبنو جحش .
الفصل الثالث : أنه يشترك فيه الذكر والأنثى لدخولهم في إسم القرابة واختلفت الرواية في قسمته بينهم فعن احمد أنه يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهو إختيار الخرقي ومذهب الشافعي لأنه سهم استحق بقرابة الأب شرعا ففضل فيه الذكر على الأنثى كالميراث ويفارق الوصية وميراث ولد الأم فإن الوصية استحقت بقول الموصي وميراث ولد الأم استحق بقرابة الأم والرواية الثانية يسوى بين الذكر والأنثى وهو قول ابي ثور و المزني و الن بالمنذر لأنهم أعطوا بإسم القرابة والذكر والأنثى فيها سواء فأشبه ما لو أوصى لقرابة فلان أو وقف عليهم ألا ترى أن الجد يأخذ مع الأب وابن الابن يأخذ مع الابن ؟ وهذا يدل على مخالفة المواريث ولأنه سهم من خمس الخمس لجماعة فيستوي فيه الذكر والأنثى كسائر سهامه ويسوى بين الصغير والكبير على الروايتين لاستوائهم في القرابة فأشبه الميراث .
الفصل الرابع : أنه يفرق بينهم حيث كانوا من الأمصار ويجب تعميمهم به حسب الإمكان وهذا قول الشافعي وقال بعضهم يخص أهل كل ناحية بخمس مغزاها الذي ليس لهم مغزى سواه فما يؤخذ من مغزى الروم لأهل الشام والعراق وما يؤخذ من مغزى الترك لمن في خراسا من ذوي القربى لما يلحق من المشقة في نقله من المشرق إلى المغرب ولأنه يتعذر تعميمهم به فلم يجب كسائر أهل السهم ووجه الأول أنه سهم مستحق بقرابة الأب فوجب دفعه إلى جميع المستحقين كالميراث فعلى هذا يبعث الإمام إلى عماله في الأقاليم وينظر كم حصل من ذلك فإن استوت فيه فرق كل خمس فيمن قاربه وإن اختلفت أمر بحمل الفضل ليدفع إلى مستحقه كالميراث وفارق الصدقة حيث لا تنقل لأن كل بلد يكاد لا يخلو من صدقة تفرق على فقراء أهله والخمس يؤخذ من بعض الأقاليم فلو لم ينقل لأدى إلى إعطاء البعض وحرمان البعض والصحيح إن شاء الله أنه لا يجب التعميم لأنه يتعذر فلم يجب كتعميم المساكين وما ذكر من بعث الإمام عماله وسعاته فهو متعذر في زاننا لأن الإمام لم يبق له حكم إلا في قليل من بلاد الإسلام ولم يبق جهة في الغزو ولا له فيه أمر ولأن هذا سهم من سهام الخمس فلم يجب تعميمه كسائر سهامه فعلى هذا يفرقه كل سلطان فيما أمكن من بلاده .
الفصل الخامس : أن غنيهم وفقيرهم فيه سواء وهذا قول الشافعي و أبي ثور وقيل لا حق فيه لغني قياسا له على بقية السهام .
ولنا عموم قوله تعالى : { ولذي القربى } وهذا عام لا جوز تخصيصه بغير دليل ولأن النبي A كان يعطي أقاربه كلهم وفيهم الأغنياء كالعباس وغيره ولم ينقل تخصيص الفقراء منهم وقد روى الإمام أحمد في مسنده [ أن النبي A أعطى الزبير سهما وأمه سهما وفرسه سهمين ] وإنما أعطى أمه من سهم ذي القربى وقد كانت موسرة ولها موال ومال ولأنه مال مستحق بالقرابة فاستوى فيه الغني والفقير كالميراث والوصية للأقارب ولأن عثمان وجبيرا طلبا حقهما منه وسألا عن علة منعهما ومنع قرابتهما وهما موسران فعلله النبي A بنصرة بني المطلب دونهم وكونهم مع بني هاشم كالشيء الواحد ولو كان اليسار مانعا شرطا لم يطلبا مع عدمه ولعلل النبي A منعهما بيسارهما وانتفاء فقرهما