باب ميراث الجد .
روى أبو داود بإسناده عن قتادة عن الحسن عن عمران بن الحصين [ أن رجلا أتى النبي A فقال ان ابن ابني مات فمالي من ميراثه ؟ قال : لك السدس فلما أدبر دعاه فقال : إن لك سدسا آخر فلما أدبر دعاه فقال : إن لك السدس الآخر طعمة ] قال قتادة فلا ندري أي شيء ورثه قال قتادة أقل شيء ورث الجد السدس وروي عن الحسن أيضا أن عمر Bه قال : أيكم بعلم رسول الله A الجد ؟ فقال معقل بن يسار أنا ورثه رسول الله A السدس قال مع من ؟ قال لا أدري قال لا دريت قال فما يغني إذا ؟ رواه سعيد في سننه قال أبو بكر بن المنذر أجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله A على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأب وأنزلوا الجد في الحجب والميراث منزلة الأب في جميع المواضع إلا في ثلاثة أشياء : أحدها : زوج وأبوان والثانية : زوجة وأبوان للأم ثلث الباقي فيهما مع الأب وثلث خلاف المال لو كان مكان الأب جد والثالثة : اختلفوا في الجد مع الإخوة والأخوات للأبوين أو للابن ولا خلاف بينهم في إسقاطه بني الإخوة وولد الأم ذكرهم وأنثاهم وذهب الصديق Bه إلى أن الجد يسقط جميع الإخوة والأخوات من جميع الجهات كما يسقطهم الأب وبذلك قال عبد الله بن عباس وعبد الله ابن الزبير وروي ذلك عن عثمان وعائشة و أبي بن كعب و أبي الدراداء و معاذ بن جبل و أبي موسى وأبي هريرة Bهم وحكي أيضا عن عمران بن الحصين و جابر بن عبد الله و أبي الطفيل و عبادة بن الصامت و عطاء و طاوس و جابر بن زيد وبه قال قتادة و إسحاق و أبو ثور و نعيم بن جماد و أبو حنيفة و المزني و ابن شريح و ابن اللبان و دادو و ابن المنذر وكان علي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت Bهم يورثونهم معه ولا يحجبونهم به وبه قال مالك و الأوزاعي و الشافعي و أبو يوسف و محمد لأن الأخ ذكر يعصب أخته فلا يسقطه الجد كالابن ولأن ميراثهم ثبت بالكتاب فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع أو قياس وما وجد شيء من ذلك فلا يحجبون ولأنهم تساووا في سبب الاستحقاق فيتساوون فيه فإن الأخ والجد يدليان بالأب الجد أبوه والأخ ابنه وقرابة البنوة لا تنقص عن قرابة الأبوة بل ربما كانت أقوى فإن الابن يسقط تعصيب الأب ولذلك مثله علي Bه بشجرة أنبتت غصنا فانفرق منه غصنان كل واحد منهما إلى الاخر أقرب منه إلى أصل الشجرة ومثله زيد بواد خرج منه نهر انفرق منه جدولان كل واحد منهما إلى الآخر أقرب منه إلى الوادي واحتج من ذهب مذهب أبي بكر Bه بقول النبي A : [ ألحقوا الفرائض بأهلها وما بقي فلأولى عصبة ذكر ] والجد أولى من الأخ بدليل المعنى والحكم أما المعنى فإنه له قرابة ايلاد وبعضية كالأب وأما الحكم فإن الفروض إذا ازدحمت سقط الأخ دونه ولا يسقطه أحد إلا الأب والإخوة والأخوات يسقطون بثلاثة ويجمع له بين الفرض والتعصيب كالأب وهم ينفردون بواحد منهما ويسقط ولد الأم وولد الأب يسقطون بهم بالإجماع إذا استغرقت الفروض المال وكانوا عصبة وكذلك ولد الأبوين في المشركة عند الأكثرين ولأنه لا يقتل ابن ابنه ولا يحد بقذفه ولا يقطع بسرقة ماله ويجب عليه نفقته ويمنع من دفع زكاته إليه كالأب سواء فدل ذلك على قوته فإن قيل فالحديث حجة في تقديم الأخوات لأن فروضهن في كتاب الله فيجب أن تلحق بهن فروضهن ويكون للجد ما بقي فالجواب ا هذا الخبر حجة في الذكور المنفردين وفي الذكور مع الإناث أو نقول هو حجة في الجميع ولا فرض لولد الأب مع الجد لأنهم كلالة والكلالة اسم للوارث مع عدم الولد والوالد فلا يكون لهم معه إذا فرض حجة أخرى قالوا الجد أب فيحجب ولد الأب كالأب الحقيقي ودليل كونه أبا قوله تعالى : { ملة أبيكم إبراهيم } وقول يوسف : { واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب } وقوله : { كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق } و [ قال النبي A : ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ] وقال : [ سام أبو العرب وحام أبو الحبش ] وقال : [ نحن بني النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا ولا ننفي من أبينا ] قال الشاعر : .
( إنا بني نهشل لا تدعي لأب عنه ... ولا هو بالأبناء يشربنا ) .
فوجب أن يحجب الإخوة كالأب الحقيقي يحقق هذا إن ابن الابن وإن سفل يقوم مقام أبيه في الحجب كذلك أبو الأب يقوم مقام ابنه ولذلك قال ابن عباس الا يتقي الله زيد ؟ يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أبا ولأن بينهما إيلادا وبعضيه وجزئية وهو يساوي الأب في أكثر أحكامه فيساويه في هذا الحجب يحققه أن أبا الأب وإن علا يسقط بني الإخوة ولو كانت قرابة الجد والأخ واحدة لوجب أن يكون أبو الجد مساويا لبني الأخ لتساوي درجة من أدليا به والله أعلم ولا تفريع على هذا القول لوضوحه