مسألة : عتق المريض في مرضه أو بعد موته عبدين .
مسألة : قال : ومن أعتق في مرضه أو بعد موته عبدين لا يملك غيرهما وقيمة أحدهما مائتان والآخر ثلاثمائة فلم يجز الورثة أقرع بينهما فإن وقعت القرعة على الذي قيمته مائتان عتق منه خمسة أسداسه وهو ثلث الجميع وإن وقعت على الآخر عتق منه خمسة أتساعه لأن جميع ملك الميت خمسمائة درهم وهو قيمة العبدين فضرب في ثلاثة فأخذ ثلثه خمسمائة فأما إن وقعت القرعة على الذي قيمته مائتان ضربناه في ثلاثة فصيرناه ستمائة فصار العتق منه خمسة أسداسه وكذلك يفعل الآخر إذا وقعت عليه القرعة وكل شيء يأتي من هذا الباب فسبيله أن يضرب في ثلاثة ليخرج بلا كسر .
هذه المسألة دالة على أحكام أربعة : منها : أن حكم العتق في مرض الموت حكم الوصية لا يجوز منه إلا ثلاث المال إلا أن يجيزه الورثة وهذا قول جمهور الفقهاء وحكي عن مسروق فيمن أعتق عبده في مرض موته ولا مال له : غيره أجيزه برمته شيء جعله لله لا أرده وهذا قول شاذ يخالف الأثر والنظر فإنه قد صح [ عن عمران بن حصين أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم النبي A فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولا شديدا ] رواه مسلم و أبو داود ولأنه تبرع في مرض موته فأشبه سائر العطايا والصدقات .
الثاني : أن العتق إذا كان في أكثر من واحد فلم يحملهم الثلث كملنا الثلث في واحد بالقرعة وإن كانوا جماعة كملنا العتق في بعضهم بالقرعة بدليل حديث عمران بن حصين المذكور .
الثالث : أنه إذا لم يخرج من الثلث إلا جزء من عبد عتق ذلك الجزء خاصة ورق باقيه على ما سنذكره في العتق إن شاء الله تعالى .
الرابع : إثبات القرعة ومشروعيتها بدليل حديث عمران وفعل النبي A في الأعبد الذين أقرع بينهم فأما كيفية تكميل العتق فإن العبيد إن تساوت قيمتهم وكان لهم ثلث صحيح كستة أعبد قيمة كل اثنين منهم ثلث المال جعلنا كل اثنين منهم ثلثا وأقرعنا بينهم بسهم حرية وسهمي رق كما فعل النبي A فاللذان يقع لهما سهم الحرية يعتقان ويرق الآخرون وإن كان فيهم كسر كمسألة الخرقي أقرعت بين العبدين فأيهما وقعت عليه قرعة الحرية ضربت قيمته في ثلاثة أسهم فما بلغ نسبت إليه قيمة العبدين جميعا فمهما خرج بالنسبة فهو القدر الذي يعتق منه ففي هذه المسألة إذا وقعت القرعة على الذي قيمته مائتان ضربتهما في ثلاثة صارت ستمائة ونسبت منها قيمة العبدين معا وهي خمسمائة تجدها خمسة أسداسها فيعتق منه خمسة أسداسه وإن وقعت على الآخر عتق خمسة أتساعه وتمام شرح ذلك يأتي في باب العتق إن شاء الله