فصل : فيمن تصح الوصية إليه ومن لا تصح .
فصل : فيمن تصح الوصية إليه ومن لا تصح .
تصح الوصية إلى الرجل العاقل المسلم الحر العدل إجماعا ولا تصح إلى مجنون ولا طفل ولا وصية مسلم إلى كافر بغير خلاف نعلمه لأن المجنون والطفل ليسا من أهل التصرف في أموالهما فلا يليان على غيرهما والكافر ليس من أهل الولاية على مسلم وتصح الوصية إلى المرأة في قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن شريح وبه قال مالك و الثوري و الأوزاعي و الحسن بن صالح و إسحاق و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي ولم يجزه عطاء لأنها لا تكون قاضية فلا تكون وصية كالمجنون .
ولنا ما روي أن عمر Bه أوصى إلى حفصة ولأنها من أهل الشهادة فأشبهت الرجل وتخالف القضاء فإنه يعتبر له الكمال في الخلقة والاجتهاد بخلاف الوصية وتصح الوصية إلى الأعمى وقال أصحاب الشافعي فيه وجه أنه لا تصح الوصية إليه بناء منهم على أنه لا يصح بيعه ولا شراؤه فلا يوجد فيه معنى الولاية وهذا لا يسلم لهم مع أنه يمكنه التوكيل في ذلك وهو من أهل الشهادة والولاية في النكاح والولاية على أولاده الصغار فصحت الوصية إليه كالبصير وأما الصبي العاقل فلا أعلم فيه نصا عن أحمد فيحتمل أنه لا تصح الوصية إليه لأنه ليس من أهل الشهادة والإقرار ولا يصح تصرفه إلا بإذن فلم يكن من أهل الولاية بطريق الأولى ولأنه مولى عليه فلا يكون واليا كالطفل والمجنون وهذا مذهب الشافعي وهو الصحيح إن شاء الله وقال القاضي قياس المذهب صحة الوصية إليه لأن أحمد قد نص على صحة وكالته وعلى هذا يعتبر أن يكون قد جاوز العشر وأما الكافر فلا تصح وصية مسلم إليه لأنه لا يلي على مسلم ولأنه ليس من أهل الشهادة ولا العدالة فلم تصح الوصية إليه كالمجنون والفاسق وأما وصية الكافر إليه فإن لم يكن عدلا في دينه لم تصح الوصية إليه لأن عدم العدالة في المسلم يمنع صحة الوصية إليه فمع الكفر أولى وإن كان عدلا في دينه ففيه وجهان : أحدهما : تصح الوصية إليه وهو قول أصحاب الرأي لأنه يلي بالنسب فيلي الوصية كالمسلم والثاني : لا تصح وهو قول أبي ثور لأنه فاسق فلم تصح الوصية إليه كفاسق المسلمين ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين وأما وصية الكافر إلى المسلم فتصح إلا أن تكون تركته خمرا أو خنزيرا وأما العبد فقال أبو عبد الله بن حامد تصح الوصية إليه سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره وبه قال مالك وقال النخعي و الأوزاعي و ابن شبرمة تصح الوصية إلى عبد نفسه ولا تصح إلى عبد غيره وقال أبو حنيفة تصح الوصية إلى عبد نفسه إذا لم يكن في ورثته رشيد وقال أبو يوسف و محمد و الشافعي لا تصح الوصية إلى عبد بحال لأنه لا يكون وليا على ابنه بالنسب فلا يجوز أن يلي الوصية كالمجنون .
ولنا أنه يصح استنابته في الحياة فصح أن يوصي إليه كالحر وقياسهم يبطل بالمرأة والخلاف في المكاتب والمدبر والمعتق بعضه كالخلاف في العبد القن وقد نص الخرقي على أن الوصية إلى أم ولده جائزة وقد نص عليه أحمد أيضا لأنها تكون حرة عند نفوذ الوصية من أصل المال وأما الفاسق فقد روي عن أحمد ما يدل على أن الوصية إليه لا تصح وهو قول مالك و الشافعي وعن أحمد ما يدل على صحة الوصية إليه فإنه قال في رواية ابن منصور إذا كان متهما لم تخرج من يده وقال الخرقي إذا كان الوصي خائنا ضم إليه أمين وهذا يدل على صحة الوصية إليه ويضم الحاكم إليه أمينا وقال أبو حنيفة تصح الوصية إليه وينفذ تصرفه وعلى الحاكم عزله لأنه بالغ عاقل فصحت الوصية إليه كالعدل ووجه الأولى أنه لا يجوز إفراده بالوصية فلم تجز الوصية إليه كالمجنون وعلى أبي حنيفة لا يجوز إقراره على الوصية فأشبه ما ذكرنا