فصول : حكم ما إذا اشترى المريض أباه .
فصل : وإن اشترى المريض أباه بألف لا مال له سواه ثم مات وخلف ابنا فعلى القول الذي حكاه الخبري يعتق كله على المريض وله ولاؤه وعلى قول القاضي يعتق ثلثه بالوصية ويعتق باقيه على الإبن لأنه جده ويكون ثلث ولائه للمشتري وثلثاه لابنه وهذا قول مالك وقيل هو مذهب للشافعي وقال أبو حنيفة يعتق ثلثه بالوصية ويسعى للإبن في قيمة ثلثيه .
وقال أبو يوسف و محمد يعتق سدسه لأنه ورثه ويسعى في خمسة أسداس قيمته للابن ولا وصية له وقيل على قول الشافعي يفسخ البيع إلا أن يجيز الابن عتقه وقيل يفسخ في ثلثيه ويعتق في ثلثه وللبائع الخيار لتفرق الصفقة عليه وقيل لا خيار له لأنه متلف فإن ترك ألفين سواه عتق كله وورث سدس الالفين والباقي للابن وبهذا قال مالك و أبو حنيفة وقيل نحوه على قول الشافعي وقيل على قوله يعتق ولا يرث وقيل شراؤه مفسوخ .
وقال أبو يوسف و محمد يرث الأب سدس التركة وهو خمسمائة يحتسب بها من رقبته ويسعى في نصف قيمته ولا وصية له وإن اشترى ابنه بألف لا يملك غيره ومات وخلف أباه عتق كله بالشراء في الوجه الأول وفي الثاني يعتق ثلثه بالوصية وثلثاه على جده عند الموت وولاؤه بينهما أثلاثا وبهذا قال مالك وقول الشافعي فيه على ما ذكرنا في مسألة الأب وقال أبو حنيفة : يعتق ثلثه بالوصية ويسعى في قيمة ثلثيه للأب ولا يرث .
وقال أبو يوسف و محمد يرث خمسة أسداسه ويسعى في قيمة سدسه وإن ترك ألفين سواه عتق كله وورث خمسة أسداس الألفين وللأب السدس وبهذا قال مالك و أبو حنيفة وقال أبو يوسف و محمد : للأب سدس التركة خمسمائة وباقيها للابن يعتق منها ويأخذ ألفا وخمسمائة وإن خلف مالا يخرج المبيع من ثلثه فعلى الوجه الأول يعتق كله ويرث منه كأنه حر الأصل وعلى الوجه الثاني يعتق منه بقدر ثلث التركة ويرث بقدر ما فيه من الحرية فإن لم يخلف المشتري أبا حرا ولكن خلف أخا حرا ولم يترك مالا عتق من رأس المال على الوجه الأول ويعتق ثلثه على الثاني ويرث الأخ ثلثيه وقال أبو يوسف و محمد يعتق كله ولا سعاية وإن خلف ألفين سواه عتق وورث الألفين ولا شيء للأخ في الأقوال كلها إلا ما قيل على قول الشافعي أنه يعتق ولا يرث وقيل شراؤه باطل فإن اشترى ابنيه بألف لا يملك غيره وقيمته ثلثا ألف وخلف ابنا آخر فعلى الوجه الأول يعتق من رأس المال ويستقر ملك البائع على قدر قيمته من الثمن وله ثلث الباقي لأن المشتري حاباه به ولم يبق من التركة سواه فيكون له ثلثه وهو تسع ألف ويرد التسعين فتكون بين الأبنين وعلى الوجه الثاني يعتق ثلثه ويرث أخوه ثلثه فيعتق عليه وللبائع ثلث المحاباة ويرث ثلثيها فيكون ميراثا .
وقال أبو حنيفة الثلث للبائع ويسعى المشتري في قيمته لأخيه وقال أبو يوسف و محمد يسعى في نصف رقبته ويرث نصفها وقال الشافعي المحاباة مقدمة لتقديمها ويرث الإبن الحر أخاه فيملكه وقيل يفسخ البيع في ثلثيه ويعتق ثلثه ولا تقدم المحاباة لأن في تقديمها تقرير ملك الأب على ولده وقيل يفسخ البيع في جميعه فإن كانت قيمته ثلث الألف فعلى الوجه الأول يعتق من رأس المال وتنفذ المحاباة في ثلث الباقي وهو تسعا ألف ويرد البائع أربعة أتساع ألف فتكون بين الإبنين وعلى الوجه الآخر يحتمل وجهين .
أحدهما : تقديم العتق على المحاباة فيعتق جميعه ويرد البائع ثلثي الألف فيكون بينهما والثاني أن يعتق ثلثه ويكون للبائع تسعا ألف ويرد أربعة أتساعها كما قلنا في الوجه الأول وقال أبو حنيفة للبائع بالمحاباة الثلث ويرد الثلث ويسعى الابن في قيمته لأخيه وفي قول أبي يوسف و محمد يرد البائع ثلث الألف فيكون للابن الحر ويعتق الآخر بنصيبه من الميراث وقيل على قول الشافعي يرد البائع ثلث الألف فيكون ذلك مع الابن المشتري للحر وقيل غير ذلك وإن اشتراه بألف لا يملك غيره وقيمته ثلاثة آلاف فمن أعتقه من رأس المال جعله حرا ومن جعل ذلك وصية له أعتق ثلثه بالشراء ويعتق باقيه على أخيه إلا في قول الشافعي ومن وافقه فإن الحر يملك بقية أخذه فيملك من رقبته قدر ثلثي الثمن وذلك تسعا رقبة لأنه يجعل ثمنه من الثلث دون قيمته وقيل يفسخ البيع في ثلثيه وقيل في جميعه وقال أبو حنيفة يسعى لأخيه في قيمة ثلثيه .
وقال أبو يوسف و محمد يسعى له في نصف قيمته فإن ترك ألفين سواه عتق كله لأن التركة هي الثمن مع الألفين والثمن يخرج من الثلث فيعتق ويرث نصف الألفين وهو قول الشافعي وقيل : يعتق ولا يرث وعند أبي حنيفة وأصحابه التركة قيمته مع الألفين وذلك خمسة آلاف فعلى قول أبي حنيفة يعتق منه قدر ثلث ذلك وهو ألف وثلثا ألف ويسعى لأخيه في الألف وثلث ألف وفي قول صاحبيه يعتق منه نصف ذلك وهو خمسة أسداسه ويسعى لأخيه في خمسمائة والألفان لأخيه في قولهم جميعا ولو اشترى المريض ابني عم له بألف لا يملك غيره وقيمة كل واحد منهما ألف فأعتق أحدهما ثم وهبه أخاه ثم مات وخلفهما وخلف مولاه فإن قياس قول القاضي إن شاء الله أن يعتق ثلثا المعتق إلا أن يجيز المولى عتق جميعه ثم يرث بثلثيه ثلثي بقية التركة فيعتق منه ثمانية أتساعه ويبقى تسعة وثلث أخيه للمولى ويحتمل أن يعتق كله ويرث أخاه فيعتقان جميعا لأنه يصير بالاعتاق وارثا لثلثي التركة فتنفذ إجازته في إعتاق باقيه فتكمل له الحرية ثم يكمل الميراث له وفي قياس قول أبي الخطاب يعتق ثلثاه ولا يرث لأنه لو ورث لكان اعتاقه وصية له فيبطل اعتاقه ثم يبطل إرثه فيؤدي توريثه إلى إبطال توريثه وهذا قول ل الشافعي ويبقى ثلثه وابن العم الآخر للمولى وقال أبو حنيفة يعتق ثلثا المعتق ويسعى في قيمة ثلثه ولا يرث وقال أبو يوسف و محمد يعتق كله ويعتق عليه أخوه بالهبة ويكونان أحق بالميراث من المولى فإن كان للميت مال سواهما أخذا ذلك المال بالميراث ويغرم بالمعتق لأخيه الموهوب نصف قيمته ونصف قيمة أخيه لأن عتق الأول وصية له ولا وصية لوارث وقد صار وارث مع أخيه فورث نصف قيمة نفسه ونصف قيمة أخيه وورث أخوه الباقي وكان أخوه الموهوب له هبة من المريض فعتق بقرابته منه ولم يعتق من المريض فلم يكن عتقه وصية بل استهلكها بالعتق الذي جرى فيها فيغرم الأول نصف قيمته ونصف قيمة أخيه لأخيه وأما قول أبي حنيفة : فإن كان الميت لم يدع وارثا غيرهما عتقا وغرم الأول لأخيه نصف قيمة أخيه ولم يغرم له نصف قيمة نفسه لأنه إذا لم يدع وارثا جازت وصيته لأنهما لا يرثان ولا يعتقان حتى تجوز وصية الأول لأنه متى بقيت عليه سعاية لم يرث واحد منهما ولم يعتق فلا بد من أن ينفذ للمعتق وصية ليصير حرا فيعتق أخوه بعتقه وقد جازت له الوصية في جميع رقبته لأن الميت إذا لم يدع وارثا جازت وصيته بجميع ماله ويرثان جميعا ويرجع الثاني على الأول بنصف قيمته لأنه يقول قد صرت أنا وأنت وارثين فلا تأخذ من الميراث شيئا دوني وقد كانت رقبتي لك وصية وعتقت من قبلك فاضمن لي نصف رقبتي فإن كان معسرا وهناك مال غيرهما أخذ الثاني نصفه ثم أخذ من النصف الثاني نصف قيمة نفسه وكان ما بقي ميراثا لأخيه الأول .
فصل : وإذا كان للمريض ثلاثة آلاف فتبرع بألف ثم اشترى أباه مما بقي وله ابن فعلى قول من قال ليس الشراء بوصية يعتق الأب وينفذ من التبرع قدر ثلث المال حال الموت وما بقى فللأب سدسه وباقيه للابن على قول القاضي ومن جعله وصية لا يعتق أب لأن تبرع المريض إنما ينفذ في الثلث ويقدم الأول فالأول وإذا قدم التبرع لم يبق من الثلث شيء ويرثه الابن فيعتق عليه ولا يرث لأنه إنما عتق بعد الموت وإن وهب له أبوه عتق وورث لأن الهبة ليست بوصية وكذلك إن ورثه وإن اشترى أباه ثم أعتقه لم يعتق على قول القاضي لأنه إذا لم يعتق بالملك وهو أقوى من الإعتاق بالقول بدليل نفوذه في حق الصبي والمجنون فأولى أن لا ينفذ بالقول .
فصل : وإن ملك المريض من يرثه ممن لا يعتق عليه كابن عمه فأعتقه في مرضه كان اعتاقه وصية معتبرة من الثلث بدليل أن النبي A أقرع بين العبيد الذين أعتقهم مالكهم عند موته ولم يكن له مال سواهم فاعتبر عتقهم من الثلث فعلى هذا يعتبر خروج المعتق من الثلث فإن خرج من الثلث عتق ولم يرث ذكره أبو الخطاب في مريض ملك ابن عمه في مرضه فأقر بأنه كان أعتقه في صحته عتق ولم يرث لأنه لو ورث لكان إقراره لوارث فلا يقبل فيؤدي توريثه إلى إبطال عتقه ثم يبطل ميراثه فكان اعتاقه من غير توريث أولى ومقتضى قول القاضي أنه يعتق ويرث لأنه حر حين موت موروثه ليس بقاتل ولا مخالف لدينه ويرث كما لو ورثه وإن لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث ولا يرث على القول الأول وعلى قول القاضي ينبغي أن يرث بقدر ما فيه من الحرية على ما يذكر في المعتق بعضه