مسألة وفصول : وإن كان الذي وجد اللقطة سفيها أو طفلا قام وليه عرفها وليه وفروع في العبد .
مسألة : وإن كان الذي وجد اللقطة سفيها أو طفلا قام وليه بتعريفها فإن تمت السنة ضمها إلى مال واجدها : .
وجملة ذلك أن الصبي والمجنون والسفيه إذا التقط أحدهم لقطة ثبتت يده عليها لعموم الأخبار ولأن هذا تكسب فصح منه كالاصطياد والاحتطاب وإن تلفت في يده بغير تفريط فلا ضمان عليه لأنه أخذ ما له أخذه وإن تلفت بتفريطه ضمنها في ماله وإذا علم بها وليه لزمه أخذها لأنه ليس من أهل الحفظ والأمانة فإن تركها في يده ضمنها لأنه يلزمه حفظ ما يتعلق به حق الصبي وهذا يتعلق به حقه فإذا تركها في يده كان مضيعا لها وإذا أخذها الولي عرفها لأن واجدها ليس من أهل التعريف فإذا انقضت مدة التعريف دخلت في ملك واجدها لأن سبب الملك تم شرطه فيثبت الملك له كما لو اصطاد صيدا وهذا مذهب الشافعي إلا أن أصحابه قالوا إذا انقضت مدة التعريف فكان الصبي والمجنون بحيث يستقرض لهما يتملكه لهما وإلا فلا وقال بعضهم يتملكه لهما بكل حال لأن الظاهر عدم ظهور صاحبه فيكون تملكه مصلحة له .
ولنا عموم الأخبار ولو جرى هذا مجرى الاقتراض لما صح التقاط صبي لا يجوز الاقتراض له لأنه يكون تبرعا بحفظ مال غيره من غير فائدة .
فصل : قال أحمد في رواية العباس بن موسى في غلام له عشر سنين التقط لقطة ثم كبر فإن وجد صاحبها دفعها إليه وإلا تصدق بها قد مضى أجل التعريف فيما تقدم من السنين ولم ير عليه استقبال أجل التعريف قال وقد كنت سمعته قبل هذا أو بعده يقول في انقضاء أجل التعريف إذا لم يجد صاحبها أيتصدق بمال الغير ؟ وهذه المسألة قد مضى نحوها فيما إذا لم يعرف الملتقط اللقطة في حولها فإنه لا يملكها وإن عرفها فيما بعد ذلك لأن التعريف بعده لا يفيد ظاهرا لكون صاحبها يئس منها وترك طلبها وهذه المسألة تدل على أنه إذا ترك التعريف لعذر كان كتركه لغير عذر لكون الصبي من أهل العذر وقد ذكرنا في هذا وجهين فيما تقدم وقال أحمد في غلام لم يبلغ أصاب عشرة دنانير فذهب بها إلى منزله فضاعت فلما بلغ أراد ردها فلم يعرف صاحبها تصدق بها وإن لم يجد عشرة وكان يجحف به تصدق قليلا قليلا قال القاضي معنى هذا أنها تلفت بتفريط الصبي وهو أنه لم يعلم وليه حتى يقوم بتعريفها .
فصل : فإذا وجد العبد لقطة فله أخذها بغير إذن سيده ويصح التقاطه وبهذا قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي وقال في الآخر لا يصح التقاطه لأن اللقطة في الحول الأول أمانة ولاية في الثاني تملك والعبد ليس من أهل الولايات ولا الملك .
ولنا عموم الخبر ولأن الالتقاط سبب يملك به الصبي ويصح منه فصح من العبد كالاحتطاب والاصطياد ولأن من جاز له قبول الوديعة صح منه الالتقاط كالحر وقولهم إن العبد ليس من أهل الولايات والأمانات يبطل بالصبي والمجنون فإنهما أدنى حالا منه في هذا وقولهم إن العبد لا يملك ممنوع وإن سلمنا فإنه يتملك لسيده كما يحصل بسائر الاكتساب ولأن الالتقاط تخليص مال من الهلاك فجاز من العبد بغير إذن سيده كإنقاذ المال الغريق والمغصوب إذا ثبت هذا فإن التقط العبد لقطة كانت أمانة في يده إن تلفت بغير تفريط في حول التعريف لم يضمن وإن تلفت بتفريطه أو إتلاف وجب ضمانها في رقبته كسائر جناياته وإن عرفها صح تعريفه لأن له قولا صحيحا فصح تعريفه كالحر فإذا تم حول التعريف ملكها سيده لأن الالتقاط كسب العبد وكسبه لسيده وإن علم السيد بلقطة عبده كان له انتزاعها منه لأنها من كسب العبد وللسيد انتزاع كسبه من يده فإذا انتزعها بعد أن عرفها العبد ملكها وإن كان لم يعرفها عرفها سيده حولا كاملا وإن كان العبد قد عرفها بعض الحول عرفها السيد تمامه فإن اختار السيد إقرارها في يد عبده نظرت فإن كان العبد أمينا جاز وكان السيد مستعينا بعبده في حفظها كما يستعين به في حفظ ماله وإن كان العبد غير أمين كان السيد مفرطا بإقرارها في يده ولزمه ضمانها كما لو أخذها من يده ثم ردها إليه لأن يد العبد كيده وما يستحق بها فهو لسيده وإن أعتق السيد عبده بعد الالتقاط فله انتزاع اللقطة من يده لأنها من كسبه وإكسابه لسيده ومتى علم العبد أن سيده غير مأمون عليها لزمه سترها عنه وتسليمها إلى الحاكم ليعرفها ثم يدفعها إلى سيده بشرط الضمان فإن أعلم سيده بها فلم يأخذها منه أو أخذها فعرفها وأدى الأمانة فيها فتلفت في الحول الأول بغير تفريطه فلا ضمان فيها لأنها لم تتلف بتفريط من أحدهما وإن لم يؤد الأمانة فيها وجب ضمانها ويتعلق الضمان برقبة العبد وذمة السيد جميعا لأن التفريط حصل منهما جميعا .
فصل : والمكاتب كالحر في اللقطة لأن المال له في الحال وإكسابه له دون سيده واللقطة من اكتسابه فإن عجز عاد عبدا وصار حكمه في اللقطة حكم العبد على ما مر بيانه وأم الولد والمعلق عتقه بصفة والمدبر كالقن ومن نصفه حر إذا التقط شيئا ولم يكن بينه وبين سيده مهايأة فهو بينهما بعد التعريف نصفين كسائر إكسابه وهي بينهما في حول التعريف كالحرين التقطا لقطة وإن كان بينهما مهايأة ففيها وجهان أحدهما : لا تدخل في المهايأة لأنها كسب نادر لا يعلم وجوده ولا يظن فلم تدخل في المهايأة وتكون بينهما والثاني : تدخل في المهايأة لأنها من كسبه فأشبهت سائر إكسابه فإن وجدها في يومه فهي له وإن وجدها في يوم سيده فهي له وإن كان العبد مشتركا بين اثنين فلقطته بينهما على ما ذكرنا فيمن بعضه حر وبعضه رقيق .
فصل : والذمي في الالتقاط كالمسلم ومن أصحاب الشافعي من قال ليس له الالتقاط في دار الإسلام لأنه ليس من أهل الأمانة .
ولنا أنها نوع اكتساب فكان من أهلها كالحش والاحتطاب وما ذكروه يبطل بالصبي والمجنون فإنه يصح التقاطهما مع عدم الأمانة إذا ثبت هذا فإنه إن عرف اللقطة حولا ملكها كالمسلم وإن علم بها الحاكم أو السلطان أقرها في يده وضم إليه مشرفا عدلا يشرف عليه ويعرفها لأننا لا نأمن الكافر على تعريفها ولا نأمنه أن يخل في التعريف بشيء من الواجب عليه فيه وأجر المشرف عليه فإذا تم حول التعريف ملكها الملتقط ويحتمل أن تنزع من يد الذمي وتوضع على يد عدل لأنه غير مأمون عليها .
فصل : ويستحب لمن ليس بأمين أن لا يأخذ اللقطة لأنه يعرض نفسه للأمانة وليس هو من أهلها فإن التقط صح التقاطه لأنها جهة من جهات الكسب وهو من أهل الكسب ولأنه إذا صح التقاط الكافر فالمسلم أولى فإذا التقطها فعرفها حولا ملكها كالعدل وإن علم الحاكم أو السلطان بها أقرها في يده وضم إليه مشرفا يشرف عليه ويتولى تعريفها كما قلنا في الذمي لأنه لا نأمنه عليها وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي في أحد قوليه وقال في الآخر ينزعها من يده ويضعها في يد عدل .
ولنا أن من خلي بينه وبين الوديعة لم تزل يده عن اللقطة كالعدل والحفظ يحصل بضم المشرف إليه وإن لم يمكن المشرف حفظها منه انتزعت من يده وتركت في يد عدل فإذا عرفها وتمت السنة ملكها ملتقطها لأن سبب الملك وجد منه