فصل : التفريق بين قليل اللقطة وكثيرها .
فصل : لم يفرق الخرقي بين يسير اللقطة وكثيرها وهو ظاهر المذهب إلا في اليسير الذي لا تتبعه النفس كالتمرة والكسرة والخرقة وما لا خطر له فإنه لا بأس بأخذه والانتفاع به من غير تعريف لأن النبي A لم ينكر على واجد التمرة حيث أكلها بل قال له لو لم تأتها لأتتك و [ رأى النبي A تمرة فقال لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها ] ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع وقد روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة وبه قال عطاء و جابر بن زيد و طاوس و النخعي و يحيى بن أبي كثير و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وليس عن أحمد وأكثر من ذكرنا تحديد اليسير الذي يباح وقال مالك و أبو حنيفة لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق وهو ربع دينار عند مالك وعشرة دراهم عند أبي حنيفة لأن ما دون ذلك تافه فلا يجب تعريفه كالكسرة والتمرة والدليل على أنه تافه قول عائشة Bها : كانوا لا يقطعون في الشيء التافه وروي عن علي Bه أنه وجد دينارا فتصرف فيه وروى الجوزجاني عن سلمى بنت كعب قالت : وجدت خاتما من ذهب في طريق مكة فسألت عائشة عنه فقالت تمتعي به وروى أبو داود بإسناده [ عن جابر قال رخص لنا رسول الله A في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به ] والحبل قد تكون قيمته دراهم وعن ابن ماجة بإسناده [ عن سويد بن غفلة قال خرجت مع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان حتى إذا كنا بالعذيب التقطت سوطا فقالا لي ألقه فأبيت حتى قدمنا المدينة أتيت أبي بن كعب فذكرت ذلك له فقال أصبت ] قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وللشافعية ثلاثة أوجه كالمذاهب الثلاثة .
ولنا على إبطال تحديده بما ذكروه أن حديث زيد بن خالد عام في كل لفظة فيجب إبقاؤه على عمومه إلا ما خرج منه بالدليل ولم يرد بما ذكروه نص ولا هو في معنى ما ورد النص به ولأن التحديد والتقدير لا يعرف بالقياس وإنما يؤخذ من نص أو إجماع وليس فيما ذكروه نص ولا إجماع وأما حديث علي فهو ضعيف رواه أبو داود وقال طرقه كلها مضطربة ثم هو مخالف لمذهبهم ولسائر المذاهب فتعين حمله على وجه من الوجوه غير اللقطة إما لكونه مضطرا إليه أو غير ذلك وحديث عائشة قضية في عين لا يدرى كم قدر الخاتم ثم هو قول صحابي وكذلك حديث علي وهم لا يرون ذلك حجة وسائر الأحاديث ليس فيها تقدير لكن يباح أخذ ما ذكره النبي A ورخص في أخذه من السوط والعصا والحبل وما قيمته كقيمة ذلك وقدره الشيخ أبو الفرج في كتابه بما دون القيراط ولا يصح تحديده لما ذكرنا