فصول : لا رجوع لما وهبه الإنسان لذوي رحمه وكذلك المتصدق في صدقته .
فصل : فحصل الاتفاق على أن وهبه الإنسان لذوي رحمه غير ولده لا رجوع فيه وكذلك ما وهب الزوج لامرأته والخلاف فيما عدا هؤلاء فعندنا لا يرجع إلا الوالد وعندهم لا يرجع إلا الأجنبي فأما هبة المرأة لزوجها فعن أحمد فيه روايتان إحداهما : لا رجوع لها فيها وهذا قول عمر بن عبد العزيز و النخعي و ربيعة و مالك و الثوري و الشافعي و أبي ثور وأصحاب الرأي وهو قول عطاء و قتادة والثانية : لها الرجوع قال الأثرم سمعت أحمد يسأل عن المرأة تهب ثم ترجع فرأيته يجعل النساء غير الرجال ثم ذكر الحديث [ إنما يرجع في المواهب النساء وشرار الأقوام ] وذكر حديث عمر : [ إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة وأيما امرأة أعطت زوجها شيئا ثم أرادت أن تعتصره فهي أحق به ] رواه الأثرم بإسناده وهذا قول شريح و الشعبي وحكاه الزهري عن القضاة وعن أحمد رواية أخرى ثالثة نقلها أبو طالب إذا وهبت له مهرها فإن كان سألها ذلك رده إليها رضيت أو كرهت لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضرار بها بأن يتزوج عليها وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز فظاهر هذه الرواية أنه متى كانت مع الهبة قرينة من مسألته لها أو غضبه عليها أو ما يدل على خوفها منه فلها الرجوع لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب بها نفسها وإنما أباحه الله تعالى عند طيب نفسها بقوله تعالى { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } وظاهر كلام الخرقي الرواية الأولى وهو اختيار أبي بكر لقول الله تعالى : { إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } وقال تعالى : { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } وعموم الأحاديث التي قدمناها .
فصل : ولا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته في قولهم جميعا لأن عمر قال في حديثه من وهب هبة على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها مع عموم أحاديثنا فاتفق دليلهم ودليلنا فلذلك اتفق قولهم وقولنا