فصول : حكم ما إذا اختلف المؤجر والمستأجر في مدة الإجارة .
فصل : إذا اختلفا في قدر الأجر فقال : أجرتنيها سنة بدينار قال بل بدينارين تحالفا ويبدأ بيمين الآجر نص عليه أحمد وهو قول الشافعي لأن الإجارة نوع من البيع فإذا تحالفا قبل مضي شيء من المدة فسخا العقد ورجع كل واحد منهما في ماله وإن رضي أحدهما بما حلف عليه الآخر قر العقد وإن فسخا العقد بعد المدة أو شيء منها سقط المسمى ووجب أجر المثل كما لو اختلفا في المبيع بعد تلفه وهذا قول الشافعي وبه قال أبو حنيفة إن لم يكن عمل العمل وإن كان عمله فالقول قول المستأجر فيما بينه وبين أجر مثله وقال أبو ثور : القول قول المستأجر لأنه منكر للزيادة في الأجر والقول قول المنكر .
ولنا أن الإجارة نوع من البيع فيتحالفان عند اختلافهما في عوضها كالبيع وكما قبل أن يعمل العمل عند أبي حنيفة وقال ابن أبي موسى : القول قول المالك لقول النبي A : [ إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البائع ] وهذا يحتمل أن يريد به إذا اختلفا في المدة وأما إذا اختلفا في العوض فالصحيح أنهما يتحالفان لما ذكرناه .
فصل : وإن اختلفا في المدة فقال أجرتكها سنة بدينار قال بل سنتين بدينارين فالقول قول المالك لأنه منكر للزيادة فكان القول قوله فيما أنكره كما لو قال : بعتك هذا العبد بمائة قال : بل هذين العبدين وإن قال : أجرتكها سنة بدينار قال بل سنتين بدينار فههنا قد اختلفا في قدر العوض والمدة جميعا فيتخالفان لأنه لم يوجد الاتفاق منهما على مدة بعوض فصار كما لو اختلفا في العوض مع اتفاق المدة وإن قال المالك : أجرتكها سنة بدينار فقال الساكن بل استأجرتني على حفظها بدينار فقال أحمد القول قول رب الدار إلا أن تكون للساكن بينة وذلك لأن سكنى الدار قد وجد من الساكن واستيفاء منفعتها وهي ملك صاحبها والقول قوله في ملكه والأصل عدم استئجار الساكن في الحفظ فكان القول قول من ينفيه .
فصل : وإن اختلفا في التعدي في العين المستأجرة فالقول قول المستأجر لأنه مؤتمن عليها فأشبه المودع ولأن الأصل عدم العدوان والبراءة من الضمان وإن ادعى أن العبد أبق من يده وأن الدابة شردت أو نفقت وأنكر المؤجر فعن أحمد روايتان إحداهما : أحمد القول قول المستأجر لما ذكرنا ولا أجر عليه إذا حلف أنه ما انتفع بها لأن الأصل عدم الانتفاع والثانية : القول قول المؤجر لأن الأصل السلامة فأما إن ادعى أن العبد مرض في يده نظرنا فإن جاء به صحيحا فالقول قول المالك سواء وافقه العبد أو خالفه نص عليه أحمد وإن جاء به مريضا فالقول قول المستأجر وهذا قول أبي حنيفة لأنه إذا جاء به صحيحا فقد ادعى ما يخالف الأصل وليس معه دليل عليه وإن جاء به مريضا فقد وجد ما يخالف الأصل يقينا فكان القول قوله في مدة المرض لأنه أعلم بذلك لكونه في يده وكذلك إن ادعى إباقه في حال إباقه أو جاء به غير آبق .
ونقل إسحاق بن منصور عن أحمد أنه يقبل قوله في إباق العبد دون مرضه وبه قال الثوري و إسحاق قال أبو بكر : وبالأول أقول لأنهما سواء في تفويت منفعته فكانا سواء في دعوى ذلك وإن هلكت العين فاختلفا في وقت هلاكها أو أبق العبد أو مرض فاختلفا في وقت ذلك فالقول قول المستأجر لأن الأصل عدم العمل ولأن ذلك حصل في يده وهو أعلم به