فصلان : إجارة الصبي أو ما له وإجارة العبد .
فصل : وإن أجر الولي الصبي أو ماله مدة فبلغ في أثنائها فقال أبو الخطاب : ليس له فسخ الإجارة لأنه عقد لازم عقده بحق الولاية فلم يبطل بالبلوغ كما لو باع داره أو زوجه ويحتمل أن تبطل الإجارة فيما بعد زوال الولاية على ما ذكرنا في إجارة الوقف ويحتمل أن يفرق بين ما إذا أجره مدة يتحقق بلوغه في أثنائها - مثل أن أجره عامين وهو ابن أربع عشرة فتبطل في السادس عشر لأننا نتيقن أنه أجره فيها بعد بلوغه وهل تصح في الخامس عشر ؟ على وجهين بناء على تفريق الصفقة - وبين ما إذا لم يتحقق بلوغه في أثنائها كالذي أجره في الخامس عشر وحده فبلغ في أثنائه فيكون فيه ما قد ذكرنا في صدر الفصل لأننا لو قلنا يلزم الصبي بعقد الولي مدة يتحقق بلوغه فيها أفضى إلى أن يعقد على جميع منافعه طول عمره وإلى أن يتصرف فيه في غير زمن ولايته عليه ولا يشبه النكاح لأنه لا يمكن تقدير مدته فإنه إنما يعقد للأبد وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : إذا بلغ الصبي فله الخيار لأنه عقد على منافعه في حال لا يملك التصرف في نفسه فإذا ملك ثبت له الخيار كالأمة إذا عتقت تحت زوج .
ولنا أنه عقد لازم عقد عليه قبل أن يملك التصرف فإذا ملكه لم يثبت له الخيار كالأب إذا زوج ولده وما قاسوا عليه إنما يثبت لها الخيار إذا عتقت تحت عبد لأجل العيب لا لما ذكره ولهذا لو عتقت تحت حر لم يثبت لها الخيار وإن مات الولي المؤجر للصبي أو ماله أو عزل وانتقلت الولاية إلى غيره لم يبطل عقده لأنه تصرف وهو من أهل التصرف في محل ولايته فلم يبطل تصرفه بموته أو عزله كما لو مات ناظر الوقف أو عزل أو مات الحاكم بعد تصرفه فيما له النظر فيه ويفارق ما لو أجر الموقوف عليه الوقف مدة ثم مات في أثنائها لأنه أجر ملك غيره بغير إذنه في مدة لا ولاية له فيها وههنا إنما يثبت للولي الثاني الولاية في التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول وهذا العقد قد تصرف فيه الأول فلم تثبت للثاني ولاية على ما تناوله .
فصل : وإن أجر عبده مدة ثم أعتقه في أثنائها صح العتق ولم يبطل عقد الإجارة في قياس المذهب ولا يرجع العبد على مولاه بشيء وهذا جديد قولي الشافعي وقال في القديم يرجع على مولاه بأجر المثل لأن المنافع تستوفى منه بسبب كان من جهة السيد فرجع به عليه كما لو أكرهه بعد عتقه على ذلك العمل .
ولنا أنها منفعة استحقت بالعقد قبل العتق فلم يرجع ببدلها كما لو زوج أمته ثم أعتقها بعد دخول الزوج بها فإن ما يستوفيه السيد لا يرجع به عليه ويخالف المكره فإنه تعدى بذلك وقال أبو حنيفة : للعبد الخيار في الفسخ أو الإمضاء كالصبي إذا بلغ للمعنى الذي ذكره ثم ولنا أنه عقد لازم عقده على ما يملكه فلا ينفسخ بالعتق ولا يزول ملكه عنه كما لو زوج أمته ثم باعها إذا ثبت هذا فإن نفقة العبد إن كانت مشروطة على المستأجر فهي عليه كما كانت وإن لم تكن مشروطة عليه فهي على معتقه لأنه كالباقي على ملكه بدليل أنه يملك عوض نفعه ولأن العبد لا يقدر على نفقة نفسه لأنه مشغول بالإجارة ولا على المستأجر لأنه استحق منفعته بعوض غير نفقته لم يبق إلا أنها على المولى