مسألة وفصول : قال : وإذا مات المكري والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها .
مسألة : قال : وإذا مات المكري والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها : .
هذا قول مالك و الشافعي و إسحاق و البتي و أبي ثور و ابن المنذر وقال الثوري وأصحاب الرأي و الليث : تنفسخ الإجارة بموت أحدهما لأن استيفاء المنفعة يتعذر بالموت لأنه استحق بالعقد استيفاءها على ملك المؤجر فإذا مات زال ملكه عن العين فانتقلت إلى ورثته فالمنافع تحدث على ملك الوارث فلا يستحق المستأجر استيفاءها لأنه ما عقد مع الوارث وإذا مات المستأجر لم يكن إيجاب الأجر في تركته .
ولنا أنه عقد لازم فلا ينفسخ بموت العاقد مع سلامة المعقود عليه كما لو زوج أمته ثم مات وما ذكروه لا يصح فإنا قد ذكرنا أن المستأجر قد ملك المنافع وملكت عليه الأجرة كاملة في وقت العقد ثم يلزمهم ما لو زوج أمته ثم مات ولو صح ما ذكروه لكن وجوب الأجر ههنا بسبب من المستأجر فوجب في تركته بعد موته كما لو حفر بئرا فوقع فيها شيء بعد موته ضمنه في ماله لأن سبب ذلك كان منه في حال الحياة كذا ههنا .
فصل : وإن مات المكتري ولم يكن له وارث يقوم مقامه في استيفاء المنفعة أو كان غائبا كمن يموت في طريق مكة ويخلف جمله الذي اكتراه وليس له عليه شيء يحمله ولا وارث له حاضر يقوم مقامه فظاهر كلام أحمد أن الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدة لأنه قد جاء أمر غالب يمنع المستأجر عن منفعة العين فأشبه ما لو غصبت ولأن بقاء العقد ضرر في حق المكتري والمكري لأن المكتري يجب عليه الكراء من غير نفع والمكري يمتنع عليه التصرف في ماله مع ظهور امتناع الكراء عليه وقد نقل عن أحمد في رجل اكترى بعيرا فمات المكتري في بعض الطريق فإن رجع البعير خاليا فعليه بقدر ما وجب له وإن كان عليه ثقله ووطاؤه فله الكراء إلى الموضع وظاهر هذا أنه حكم بفسخ العقد فيما بقي من المدة إذا مات المستأجر ولم يبق به انتفاع لأنه تعذر استيفاء المنفعة بأمر من الله تعالى فأشبه ما لو اكترى من يقلع له ضرسه فبرأ أو انقلع قبل قلعه أو اكترى كحالا ليكحل عينيه فبرأت أو ذهبت ويجب أن يقدر أنه لم يكن ثم من ورثته من يقوم مقامه في الانتفاع لأن الوارث يقوم مقام الموروث وتأولها القاضي على أن المكري قبض البعير ومنع الورثة الانتفاع ولولا ذلك لما انفسخ العقد لأنه لا ينفسخ بعذر في المستأجر مع سلامة المعقود عليه كما لو حبس مستأجر الدار ومنع من سكناها ولا يصح هذا لأنه لو منع الوارث الانتفاع لما استحق شيئا من الأجر ويفارق هذا ما لو حبس المستأجر لأن المعقود عليه انتفاعه وهذا لا يؤيس منه بالحبس فإنه في كل وقت يمكن خروجه من الحبس وانتفاعه ويمكن أن يستنيب من يستوفي المنفعة إما بأجر أو غيره بخلاف الميت فإنه قد فات انتفاعه بنفسه ونائبه فأشبه ما ذكرنا من الصور .
فصل : إذا أجر الموقوف عليه الوقف مدة فمات في أثنائها وانتقل إلى من بعده ففيه وجهان : أحدهما : لا تنفسخ الإجارة لأنه أجر ملكه في زمن ولايته فلم يبطل بموته كما لو أجر ملكه الطلق والثاني : تنفسخ الإجارة فيما بقي من المدة لأنا تبينا أنه أجر ملكه وملك غيره فصح في ملكه دون ملك غيره كما لو أجر دارين أحدهما له والأخرى لغيره وذلك لأن المنافع بعد الموت حق لغيره فلا ينفذ عقده عليها من غير ملك ولا ولاية بخلاف الطلق فإن المالك يملك من جهة الموروث فلا يملك إلا ما خلفه وما تصرف فيه في حياته لا ينتقل إلى الوارث والمنافع التي أجرها قد خرجت عن ملكه بالإجارة فلا تنتقل إلى الوارث والبطن الثاني في الوقف يملكون من جهة الواقف فما حدث فيها بعد البطن الأول كان ملكا لهم فقد صادف تصرف المؤجر في ملكهم من غير إذنهم ولا ولاية له عليهم فلم يصح ويتخرج أن تبطل الإجارة كلها بناء على تفريق الصفقة وهذا التفصيل مذهب الشافعي فعلى هذا إن كان المؤجر قبض الأجر كله وقلنا تنفسخ الإجارة فلمن انتقل إليه الوقف أخذه ويرجع المستأجر على ورثة المؤجر بحصة الباقي من الأجر وإن قلنا لا تنفسخ رجع من انتقل إليه الوقف على التركة بحصته