مسألة وفصول : توضوء الرجل بفضل وضوءه وطهور المرأة .
مسألة : قال : ولا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت بالماء .
اختلفت الرواية عن أحمد C في وضوء الرجل وضوء المرأة إذا خلت به والمشهور عنه أنه لا يجوز ذلك وهو قول عبد الرحمن بن سرجس و الحسن و غنيم بن قيس و هو قول ابن عمر في الحائض والجنب قال أحمد يغتسل بفضل وضوء ميمونة وقالت ميمونة : [ اغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة فجاء النبي A إني قد اغتلست منه فقال : الماء ليس على جنابة ] ولأنه ماء طهور جاز للمرأة الوضوء به فجاز للرجل كفضل الرجل .
ووجه الرواية الأولى ما روى الحكم بن عمرو [ أن النبي A نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة ] قال الترمذي : هذا حديث حسن ورواه أبو داود و ابن ماجة قال الخطابي : قال محمد بن إسماعيل : خبر الأقرع لا يصح والصحيح في هذا خبر عبد الله بن سرجس وهو موقوف ومن رفعه أخطأ قلنا : قد رواه أحمد واحتج به وهذا يقدم على التضعيف لاحتمال أن يكون قد روي من وجه صحيح خفي على من ضعفه وأيضا فإنه قول جماعة من الصحابة قال أحمد أكثر رسول الله A يقولون إذا خلت بالماء فلا يتوضأ منه فأما حديث ميمونة فقد قال أحمد : أنفيه لحال سماك ليس أحد يرويه غيره وقال : فيه اختلاف شديد بعضهم يرفعه وبعضهم لا يرفعه ولأنه يحتمل أنها لم تخل به فيحمل عليه جميعا بين الخبرين .
فصل : واختلف أصحابنا في تفسير الخلوة به فقال الشريف أبو جعفر قولا على أن الخلوة هي أن لا يحضرها من لا تحصل الخلوة من النكاح بحضوره سواء كان رجلا أو امرأة أو صبيا عاقلا لأنها إحدى الخلوتين فنافاها حضور أحد هؤلاء كالأخرى وقال القاضي : هي أن لا يشاهدها رجل مسلم فإن شاهدها صبي أو امرأة أو رجل كافر لم تخرج بحضورهم عن الخلوة وذهب بعض الأصحاب إلى أن الخلوة استعمالها للماء من غير مشاركة الرجل في استعماله لأن أحمد قال إذا خلت به فلا يعجبني أن يغتسل هو به وإذا شرعا فيه جميعا فلا بأس به لقول عبد الله بن سرجس : اغتسلا جميعا هو هكذا وأنت هكذا قال عبد الواحد في إشارته : كان الإناء بينهما وإذا خلت به فلا تقربنه رواه الأثرم وقد [ كانت عائشة تغتسل هي ورسول الله A من إناء واحد يغترفان منه جميعا ] متفق عليه فيخص بهذا عموم النهي وبقينا فيما عداه على العموم .
فصل : فإن خلت به في بعض أعضائها أو في تجديد طهارة أو استنجاء أو غسل نجاسة ففيه وجهان أحدهما : المنع لأنه طهارة شرعية والثاني لا يمنع لأن الطهارة المطلقة تنصرف إلى طهارة الحدث الكاملة وإن خلت به ذمية في اغتسالها ففيه وجهان أحدهما هو كخلوة المسلمة لأنها أدنى حالا من المسلمة وأبعد من الطهارة وقد تعلق بغسلها حكم شرعي وهو حل وطئها إذا اغتسلت من الحيض وأمرها به إذا كان من جنابة والثاني لا يؤثر لأن طهارتها لا تصح فهي كتبردها وإن خلت المرأة بالماء في تبردها أو تنظيفها أو غسل ثوبها من الوسخ لم يؤثر لأنه ليس بطهارة .
فصل : وإنما تؤثر خلوتها في الماء القليل وما بلغ القلتين لا تؤثر خلوتها فيه لأن حقيقة النجاسة والحدث لا تؤثر فيه فوهم ذلك أولى