فصل : حكم الماء بعد غمس الحائض أو الجنب .
فصل : وأما طهورية الماء فإن الحائض والكافر لا يؤثر غمسهما يديهما في الماء شيئا لأن حدثهما لا يرتفع وأما الجنب فإن لم ينو بغمس يده في الماء رفع الحدث منها فهو باق على طهوريته بدليل حديث المرأة التي قالت : غمست يدي في الماء وأنا جنب [ فقال النبي صلى الله عليه وسمل : الماء لا يجنب ] ولأن الحدث لا يرتفع من غير نية فأشبه غمس الحائض وإن نوى رفع حدثها فحكم الماء حكم ما لو اغتسل الجنب فيه للجنابة وقال بعض أصحابنا : إذا نوى رفع الحدث ثم غمس يده في الماء ليغترف بها صار الماء مستعملا الصحيح إن شاء الله أنه إذا نوى الاغتراف لم يصر مستعملا لأن قصد الاغتراف منع قصد غسلها علىما بيناه في المتوضىء إذا اغترف من الإناء بعد غسل وجهه وإن انقطع حيض المرأة ولم تغتسل فهي كالجنب فيما ذكرنا من التفصيل وقد اختلف عن أحمد في هذا فقال ك في موضع في الجنب والحائض يغمس يده في الإناء إذا كانا نظيفين فلا بأس به وقال في موضع آخر : كنت لا أرى به بأسا ثم حدثت عن شعبة عن محارب بن دثار عن ابن عمر وكأني تهيبته وسئل عن جنب وضع له ماء فأدخل يده ينظر حره من برده قال : إن كان أصبعا فأرجوا أن لا يكون به بأس وإن كان اليد أجمع فكأنه كرهه وسئل عن الرجل يدخل الحمام وليس معه أحد ولا ما يصب به على يده أترى له أن يأخذ بفمه ؟ قال : لا يده وفمه واحد وقياس المذهب ما ذكرناه وكلام أحمد محمول على الكراهة المجردة لما فيه من الخلاف وقال أبو يوسف : أن إدخل الجنب يده في الماء لم يفسد وإن أدخل رجله فسد لأن الجنب نجس وعفي عن يده لموضع الحاجة وكره النخعي الوضوء بسؤر الحائض وقال جابر بن زيد : لا يتوضأ به للصلاة وأكثر أهل العلم لا يرون بسؤرها بأسا منهم الحسن و مجاهد و الزهري و مالك و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و أبو عبيد وقد دللنا على طهارة الجنب والحائض والتفريق بين اليد والرجل لا يصح لأنهما استويا فيما إذا أصابتهما نجاسة فاستويا في الجنابة ويحتمل أن نقول به لأن اليد يراد بها الاغتراف وقصده هو المانع من جعل الماء مستعملا وهذا لا يوجد في الرجل لأنها لا يغترف بها فكان غمسها بعد أرادة الغسل استعمالا للماء والله أعلم