كتاب الإجارات .
الأصل في جواز الإجارة الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وقال تعالى : { قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين * قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك } وروى ابن ماجة في سننه عن عتبة بن الندر قال : كنا عند رسول الله A فقرأ { طس } حتى إذا بلغ قصة موسى قال : إن موسى عليه السلام أجر نفسه ثماني حجج أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه وقال الله تعالى { فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا } وهذا يدل على جواز أخذ الأجر على إقامته .
وأما السنة فثبت أن رسول الله A وأبا بكر استأجرا رجلا من بني الديل هاديا خريتا وروى البخاري عن أبي هريرة Bه أن رسول الله A قال : [ قال الله D ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره ] والأخبار في هذا كثيرة وأجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال : لا يجوز ذلك لأنه غرر يعني أنه يعقد على منافع لم تخلق وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار وسار في الأمصار والعبرة أيضا دالة عليها فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان فلما جاز العقد على الأعيان وجب أن تجوز الإجارة على المنافع ولا يخفى ما بالناس من الحاجة إلى ذلك فإنه ليس لكل أحد دار يملكها ولا يقدر كل مسافر على بعير أو دابة يملكها ولا يلزم أصحاب الأملاك إسكانهم وحملهم تطوعا وكذلك أصحاب الصنائع يعملون بأجر ولا يمكن كل أحد عمل ذلك ولا يجد متطوعا به فلا بد من الإجارة لذلك بل ذلك مما جعله الله طريقا للرزق حتى أن أكثر المكاسب بالصنائع وما ذكره من الغرر لا يلتفت إليه مع ما ذكرنا من الحاجة فإن العقد على المنافع لا يمكن بعد وجودها لأنها تتلف بمضي الساعات فلا بد من العقد عليها قبل وجودها كالسلم في الأعيان