مسألة وفصول : الغسل من حيض أو نفاس .
مسألة : والطهر من الحيض والنفاس .
قال ابن عقيل : هذا تجوز فإن الموجب للغسل في التحقيق هو الحيض والنفاس لأنه هو الحدث وانقطاعه شرط وجوب الغسل وصحته فسماه موجبا لذلك وهذا كقولهم انقطاع دم الاستحاضة مبطل للصلاة والمبطل إنما هو الحدث الخارج لكن عفي عنه للضرورة فإذا انقطع الدم زالت الضرورة فظهر حكم الحدث حينئذ وأضيف الحكم إلى الانقطاع عنده ولا خلاف في وجوب الغسل بالحيض والنفاس وقد [ أمر النبي A بالغسل من الحيض في أحاديث كثيرة فقال لفاطمة بنت أبي حبيش : دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي ] متفق عليه .
وأمر به في حديث أم سلمة وحديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده رواهما أبو دواد وغيره وأمر به حديث أم حبيبة وسهلة بنت سهلة وحمنة بنت جحش وغيرهن وقد قيل في قول الله تعالى : { فإذا تطهرن فاتوهن } يعني إذا اغتسلن منع الزوج وطأها قبل الغسل فدل على وجوبه عليها والنفاس كالحيض سواء فإن دم النفاس هو دم الحيض إنما كان في مدة الحمل ينصرف إلى غذاء الولد فحين خرج الولد خرج الدم لعدم مصرفه وسمي نفاسا .
فصل : فأما الولادة إذا عربت من دم فلا يجب فيها الغسل في ظاهر كلام الخرقي وقال غيره : فيها وجهان أحدهما يجب الغسل بها لأنها مظنة للنفاس الموجب فقامت مقامه في الإيجاب كالتقاء الختانين ولأنها يستبرئ بها الرحم أشبهت الحيض ولأصحاب الشافعي وجهان كالوجهين والأول الصحيح فإن الوجوب بالشرع ولم يرد بالغسل ولا هو في معنى المنصوص فإنه ليس بدم ولا مني وإنما ورد الشرع بالإيجاب بهذين الشيئين وقولهم : إنه مظنة قلنا : المظان إنما يعلم جعلها مظنة بنص أو أجماع ولا نص في هذا ولا إجماع والقياس الآخر مجرد طرد لا معنى تحته ثم قد اختلفا في أكثر الأحكام فليس تشبهه به في هذا الحكم أولى من مخالفته في سائر الأحكام .
فصل : إذا كان على الحائض جنابة فليس عليها أن تغتسل حتى ينقطع حيضها نص عليه أحمد وهو قول إسحاق وذلك لأن الغسل لا يفيد شئيا من الأحكام فإن اغتسلت للجنابة في زمن حيضها صح غسلها وزال حكم الجنابة نص عليه أحمد وقال : تزول الجنابة والحيض لا يزول حتى ينقطع الدم قال : ولا أعلم أحدا لا تغتسل إلا عطاء فإنه قال : الحيض أكبر قال : ثم نزل عن ذلك وقال : تغتسل وهذا لأن أحد الحدثين لا يمنع ارتفاع الآخر كما لو اغتسل المحدث الأصغر