مسألة : قال والعارية مضمونة وإن لم يتعد فيها المستعير .
كتاب العارية .
مسألة : قال : والعارية مضمونة وإن لم يتعد فيها المستعير .
العارية إباحة الإنتفاع بعين من أعيان المال مشتقة من عار الشيء إذا ذهب وجاء ومنه قيل للبطال عيار لتردده في بطالته والعرب تقول إعارة وعاره مثل أطاعه وطاعه والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع : أما الكتاب فقول الله تعالى : { ويمنعون الماعون } روي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا العواري وفسرها ابن مسعود فقال : القدر والميزان والدلو وأما السنة فما روي [ عن النبي A أنه قال في خطب عام حجة الوداع : العارية مؤداة والدين مقضي والمنحة مردودة والزعيم غارم ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب و [ روى صفوان بن أمية أن النبي A إستعار منه أدراعا يوم حنين فقال : أغصبا يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة ] رواه أبو داود .
وأجمع المسلمون على جواز العارية واستحبابها ولأنه لما جازت هبة الأعيان جازت هبة المنافع ولذلك صحت الوصية بالأعيان والمنافع جميعا إذا ثبت هذا فإن العارية مندوب إليها وليست واجب في قول أكثر أهل العلم وقيل هي واجبة للآية ولما روى أبو هريرة أن النبي A قال : [ ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها الحديث قيل يا رسول الله وما حقها ؟ قال : إعارة دلوها وإطراق فحلها ومنحة لبنها يوم وردها ] فذم الله تعالى مانع العارية وتوعده رسول الله A بما ذكر في خبره .
ولنا قول النبي A [ إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك ] رواه ابن المنذر وروي عن النبي A إنه قال : [ ليس في المال حق سوى الزكاة ] و [ في حديث الأعرابي الذي سأل رسول الله A ماذا فرض الله علي من الصدقة ؟ قال : الزكاة فقال : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع شيئا ] أو كما قال والآية فسرها ابن عمر والحسن البصري بالزكاة وكذلك زيد بن أسلم وقال عكرمة : إذا جمع ثلاثتها فله الويل إذا سها عن الصلاة وراءى ومنع الماعون ويجب رد العارية إن كانت باقية بغير خلاف ويجب ضمانها إن كانت تالفة تعدى فيها المستعير أو لم يتعد روي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وإليه ذهب عطاء و الشافعي و إسحاق وقال الحسن و النخعي و الشعبي وعمر بن عبد العزيز و الثوري و أبو حنيفة و مالك و الأوزاعي و ابن شبرمة : هي أمانة لا يجب ضمانها إلا بالتعدي لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي A قال : [ ليس على المستعير غير المغل ضمان ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة ] قالوا وقول النبي A [ العارية مؤداة ] يدل على أنها أمانة لقول الله تعالى : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } .
ولنا قول النبي A في حديث صفوان : بل عارية مضمونة وروى الحسن عن سمرة عن النبي A أنه قال : [ على اليد ما أخذت حتى تؤديه ] رواه أبو داود و الترمذي وقال : حديث حسن غريب ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردا بنفعه من غير إستحقاق ولا إذن في الإتلاف فكان مضمونا كالغاصب والمأخوذ على وجه السوم وحديثهم يرويه عمر بن عبد الجبار عن عبيد بن حسان بن عمرو بن شعيب وعمر وعبيد ضعيفان قاله الدارقطني ويحتمل أنه أراد ضمان المنافع والأجزاء وقياسهم منقوض بالمقبوض على وجه السوم