فصل : الألفاظ التي يثبت بها الإقرار .
فصل : في الألفاظ التي يثبت بها الإقرار إذا قال : له علي ألف أو قال له : لي عليك ألف فقال نعم أو أجل أو صدقت أو لعمري أو أنا مقر به أو بما ادعيت أو بدعواك كان مقرا في جميع ذلك لأن هذه الألفاظ وضعت للتصديق قال الله تعالى : { هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ قالوا : نعم } وإن قال أليس لي عندك ألف ؟ قال : بلى كان إقرارا صحيحا لأن بلى جواب للسؤال بحرف النفي قال الله تعالى : { ألست بربكم قالوا : بلى } وإن قال : لك علي ألف في علمي أو فيما أعلم كان مقرا به لأن ما في علمه لا يحتمل إلا الوجوب وإن قال : إقضني الألف الذي لي عليك قال نعم كان مقرا به لأنه تصديق لما إدعاه وإن قال : إشتر عبدي هذا أو أعطني عبدي هذا فقال : نعم كان إقرارا لما ذكرنا وإن قال : لك علي ألف إن شاء الله تعالى كان مقرا به نص عليه أحمد وقال : أصحاب الشافعي : ليس بإقرار لأنه علق إقراره على شرط فلم يصح كما لو علقه على مشيئة زيد ولأن ما علق على مشيئة الله تعالى لا سبيل إلى معرفته .
ولنا أنه وصل إقراره بما يرفعه كله ولا يصرفه إلى غير الإقرار فلزمه ما أقر به وبطل ما وصله به كما لو قال : له علي ألف إلا ألفا ولأنه عقب الإقرار بما لا يفيد حكما آخر ولا يقتضي رفع الحكم أشبه ما لو قال : له علي ألف في مشيئة الله تعالى وإن قال : له علي ألف إلا أن يشاء الله صح الإقرار لأنه أقر ثم علق رفع الإقرار على أمر لا يعلم فلم يرتفع وإن قال : لك علي ألف إن شئت أو إن شاء زيد لم يصح الإقرار وقال القاضي : يصح لأنه عقبه بما يرفعه فصح الإقرار دون ما يرفعه كاستثناء الكل وكما لو قال إن شاء الله .
ولنا أنه علقه على شرط يمكن علمه فلم يصح كما لو قال : له علي ألف إن شهد بها فلان وذلك لأن الإقرار إخبار بحق سابق فلا يتعلق على شرط مستقبل ويفارق التعليق على مشيئة الله تعالى فإن مشيئة الله تعالى تذكر في الكلام تبركا وصلة وتفويضا إلى الله تعالى لا للإشتراط كقول الله تعالى : { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم } وقد علم الله أنهم سيدخلون بغير شك ويقول الناس صلينا إن شاء الله تعالى مع تيقنهم صلاتهم بخلاف مشيئة الآدمي الثاني : إن مشيئة الله تعالى لا تعلم إلا بوقوع الأمر فلا يمكن وقف الأمر على وجودها ومشيئة الآدمي يمكن العلم بها فيمكن جعلها شرطا بتوقف الأمر على وجودها والماضي لا يمكن وقفه فيتعين حمل الأمر ههنا على المستقبل فيكون وعدا لا إقرارا وإن قال : بعتك إن شاء الله تعالى أو زوجتك إن شاء الله تعالى فقال أبو إسحاق بن شاقلا لا أعلم خلافا عنه في أنه إذا قيل : له قبلت هذا النكاح ؟ فقال نعم إن شاء الله تعالى إن النكاح وقع به قال أبو حنيفة : ولو قال : بعتك بألف إن شئت فقال : قد شئت وقبلت صح لأن هذا الشرط من موجب العقد ومقتضاه فإن الإيجاب إذا وجد من البائع كان القبول إلى مشيئة المشتري وإختياره وإن قال : له علي ألفان إن قدم فلان لم يلزمه لأنه لم يقر بها في الحال وما لا يلزمه في الحال لا يصير واجبا عند وجود الشرط وإن قال : إن شهد فلان علي لك بألف صدقته لم يكن إقرارا لأنه يجوز أن يصدق الكاذب وإن قال : إن شهد بها فلان فهو صادق إحتمل أن لا يكون إقرارا لأنه علقه على شرط فأشبهت التي قبلها واحتمل أن يكون إقرارا في الحال لأنه يتصور صدقه إذا شهد بها إلا أن تكون ثابتة في الحال وقد أقر بصدقه وإن قال : له علي ألف إن شهد بها فلان لم يكن إقرارا لأنه معلق على شرط