فصل : ولا يصح الإستثناء الكل بغير خلاف .
فصل : ولا يصح استثناء الكل بغير خلاف لأن الإستثناء رفع بعض ما تناوله اللفظ واستثناء الكل رفع الكل فلو صار الكلام كله لغوا غير مفيد فإن قال له : علي درهم ودرهم إلا درهما أو ثلاثة دراهم ودرهمان إلا درهمين أو ثلاثة ونصف إلا نصفا إو إلا درهما أو خمسة وتسعون إلا خمسة لم يصح الإستثناء ولزمه جميع ما أقر به قبل الإستثناء وهذا قول الشافعي وهو الذي يقتضيه مذهب أبي حنيفة وفيه وجه آخر أنه يصح لأن الواو العاطفة تجمع بين العددين وتجعل الجملتين كالجملة الواحدة ومن أصلنا إن الإستثناء إذا تعقب جملا معطوفا بعضها على بعض بالواو عاد إلى جميعها كقولنا في قول الله تعالى : { ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا } إن الإستثناء عاد إلى الجملتين فإذا تاب القاذف قبلت شهادته ومن ذلك قول النبي A [ لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يجلس عل تكرمته إلا بإذنه ] والوجه الأول أولى لأن الواو لم تخرج الكلام من أن يكون جملتين والإستثناء يرفع إحداهما جميعها ولا نظير لهذا في كلامهم ولأن صحة الإستثناء تجعل إحدى الجملتين مع الإستثناء لغوا لأنه أثبت شيئا بلفظ مفرد ثم رفعه كله فلا يصح كما لو استثنى منها وهي غير معطوفة على بعضها فأما الآية والخبر فإن الإستثناء لم يرفع إحدى الجملتين إنما أخرج من الجملتين معا من اتصف بصفة فنظيره ما لو قال للبواب من جاء يستأذن فائذن له وأعطه درهما إلا فلانا ونظير مسألتنا ما لو قال : أكرم زيدا وعمرا إلا عمرا وإن قال له : علي درهمان وثلاثة إلا درهمين لم يصح أيضا لأنه يرفع الجملة الأولى كلها فأشبه ما لو قال : أكرم زيدا وعمرا إلا زيدا وإن قال له : علي ثلاثة وثلاثة إلا درهمين خرج فيها وجهان لأنه استثنى أكثر الجملة التي تليه واستثناء الأكثر فاسد كإستثناء الكل