فصلان : انتقاض الوضوء بالنوم : نوم القائم المضطجع القاعد والمحتبى .
فصل : والنوم ينقسم ثلاثة أقسام نوم المضطجع فينقض الوضوء يسيره وكثيره في قول كل من يقول بنقضه بالنوم الثاني نوم القاعد إن كان كثيرا نقض رواية وإن كان يسيرا لم ينقض وهذا قول حماد و الحكم و مالك و الثوري وأصحاب الرأي وقال الشافعي : لا ينقض وإن كثر إذا كان القاعد متمكنا مفضيا بمحل الحدث إلى الأرض لما روى أنس قال : كان أصحاب رسول الله A ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وفي لفظ قال : كان أصحاب النبي A ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون وهذا إشارة إلى جميعهم وبه يتخصص عموم الحديثين الأولين ولأنه متحفظ عن خروج الحدث فلم ينقض وضوءه كما لو كان نومه يسيرا .
ولنا عموم الحديثين الأولين وإنما خصصناهما في اليسير لحديث أنس وليس فيه بيان كثرة ولا قلة فإن النائم يخفق رأسه من يسير النوم فهو يقين في اليسير فيعمل به وما زاد عليه فهو محتمل لا يترك له العموم المتيقن ولأن نقض الوضوء بالنوم يعلل بإفضائه إلى الحدث ومع الكثرة والغلبة يفضي إليه ولا يحس بخروجه منه بخلاف اليسير ولا يصح قياس الكثير على اليسير لاختلافهما في الافضاء إلى الحدث .
الثالث : ما عدا هاتين الحالتين وهو نوم القائم والراكع والساجد فروي عن أحمد في جميع ذلك روايتان إحداهما ينقض وهو قول الشافعي لأنه يرد في تخصيصه من عموم النقض نص ولا هو في معنى المنصوص لكون القاعد متحفظا لاعتماده بمحل الحدث إلى الأرض والراكع والساجد ينفرج محل الحدث منهما والثانية لا ينقض إلا إذا كثر وذهب أبو حنيفة إلى أن النوم في حال من أحوال الصلاة لا ينقض وإن كثر لما روى ابن عباس [ أن رسول الله A كان يسجد وينام ثم يقوم فيصلي فقلت له : صليت ولم تتوضأ وقد نمت فقال : إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله ] رواه أبو داود ولأ ه حال من أحوال الصلاة فأشبهت حال الجلوس والظاهر عن أحمد التسوية بين القيام والجلوس لأنهما يشتبهان في الانخفاض واجتماع المخرج وربما كان القائم أبعد من الحدث لعدم التمكن من الاستثقال في النوم فإنه لو استثقل لسقط والظاهر عنه في الساجد التسوية بينه وبين المضطجع لأنه ينفرج محل الحدث ويعتمد بأعضائه على الأرض ويتهيأ لخروج الخارج فأشبه المضطجع والحديث الذي ذكروه منكر قاله أبو داود وقال ابن المنذر : لا يثبت وهو مرسل يرويه قتادة عن أبي العالية قال شعبة : لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها .
فصل : واختلفت الرواية عن أحمد في القاعد المستند والمحتبي فعنه لا ينقض يسيره قال أبو داود : سمعت أحمد قيل له : الوضوء من النوم قال : إذا طال قيل : فالمحتبي قال : يتوضأ : قيل : المتكئ قال : الأتكاء شديد والمتساند كأنه أشد - يعني من الاحتباء - ورأى منها كلها الوضوء إلا أن يغفو - يعني قليلا - وعنه ينقض يعني بكل حال لأنه معتمد على شيء فهو كالمضطجع والأولى أنه متى كان معتمدا بمحل الحدث على الأرض أن لا ينقض منه إلا الكثير لأن دليل النقض في القاعد لا تفريق فيه فيسوى بين أحواله