مسألة : قال وشركة الأبدان جائز .
مسألة : قال : وشركة الأبدان جائزة .
معنى شركة الأبدان أن يشترك إثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم كالصناع يشتركون على النبي A يعملوا في صناعاتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم فإن اشتركوا فيما يكتسبون من المباح كالحطب والحشيش والثمار المأخوذة من الجبال والمعادن والتلصص على دار الحرب فهذا جائز نص عليه أحمد في رواية أبي طالب فقال : لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم وليس لهم مال مثل الصيادين والنقالين والحمالين قد اشترك النبي A بين عمار وسعد ابن مسعود فجاء سعد باسيرين ولم يجيئا بشيء وفسر أحمد صفة الشركة في الغنيمة فقال : يشتركان فيما يصيبان من سلب المقتول لأن القاتل يختص به دون الغانمين وبهذا قال مالك وقال أبو حنيفة : يصح في الصناعة ولا يصح في إكتساب المباح كالاحتشاش والاغتنام لأن الشركة مقتضاها الوكالة ولا تصح الوكالة في هذه الأشياء لأن من أخذها ملكها وقال الشافعي : شركة الأبدان كلها فاسدة لأنها شركة على غير مال فلم تصح كما لو اختلفت الصناعات .
ولنا ما روى أبو داود و الأثرم بإسنادهما عن أبي عبيدة بن عبد الله قال : اشتركنا أنا وسعد وعمار يوم بدر فلم أجيء أنا وعمار بشيء وجاء سعد بأسيرين ومثل هذا لا يخفى على رسول الله A وقد أقرهم عليه وقال أحمد اشرك بينهم النبي A فإن قيل فالمغانم مشتركة بين الغانمين بحكم الله تعالى فكيف يصح اختصاص هؤلاء بالشركة فيها وقال بعض الشافعية : غنائم بدر كانت لرسول الله A وكان له أن يدفعها إلى من شاء فيحتمل أن يكون فعل ذلك لهذا ؟ قلنا أما الأول فالجواب عنه أن غنائم بدر كانت لمن لأخذها من قبل أن يشرك الله تعالى بينهم ولهذا نقل [ أن النبي A قال : من أخذ شيئا فهو له ] فكان ذلك من قبيل المباحات من سبق إلى أخذ شيء فهو له ويجوز أن يكون شرك بينهم فيما يصيبونه من الأسلاب والنفل إلا أن الأول أصح لقوله جاء سعد بأسيرين ولم أجيء أنا وعمار بشيء وأما الثاني فإن الله تعالى إنما جعل الغنيمة لنبيه عليه السلام بعد أن غنموا واختلفوا في الغنائم فأنزل الله تعالى : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول } والشركة كانت قبل ذلك ويدل على صحة هذا أنها لو كانت لرسول الله A لم يخل إما أن يكون قد أباحهم أخذها فصارت كالمباحات أو لم يبحها لهم فكيف يشتركون في شيء لغيرهم ؟ وفي هذا الخبر حجة على أبي حنيفة أيضا لأنهم اشتركوا في مباح وفيما ليس بصناعة وهو يمنع ذلك ولأن العمل أحد جهتي المضاربة فصحت الشركة عليه كالمال وعلى أبي حنيفة أنهما اشتركا في مكسب مباح فصح كما لو اشتركا في الخياطة والقصارة ولا نسلم أن الوكالة لا تصح في المباحات فإنه يصح أن يستنيب في تحصيلها بأجرة فكذلك يصح بغير عوض إذا تبرع أحدهما بذلك كالتوكيل في بيع ماله