فصلان : إذا كانت بينهما عرضه حائط فاتفقا على قسمها طولا وإن كان بينهما حائط فاتفقا على على قسمته طولا .
فصل : إذا كانت بينهما عرصة حائط فاتفقا على قسمها طولا جاز ذلك سواء على قسمها طولا أو عرضا لأنها ملكهما ولا تخرج عنهما وإن اختلفا فطلب أحدهما قسمها وهو ان يجعل له نصف الطول في جميع العرض وللأخر مثله فقال أصحابنا : يجبر الممتنع على القسمة وهو مذهب الشافعي لأن ذلك لا يضر فإذا اقتسما اقترعا فكان لكل واحد منهما ما تخرج به القرعة فإن كان مبنيا فلا كلام وإن كان غير مبني كان لكل واحد منهما أن يبني في نصيبه وإن أحب أن يدخل بعض عرصته في داره فعل وإن أحب أن يزيد في حائطه من عرصته فعل ويحتمل أن لا يجبر على القسمة لأنها توجب اختصاص كل واحد منهما ببعض الحائط المقابل لملك شريكه وزوال ملك شريكه فيتضرر لأنه لا يقدر على حائط يستر ملكه وربما اختار أحدهما أن لا يبني حائطه فيبقى ملك كل واحد منهما مكشوفا أو يبينه ويمنع جاره من وضع خشبه عليه وهذا ضرر لا يرد الشرع بالإجبار عليه فإن قيل : فإذا كان مشتركا تمكن أيضا من منع شريكه وضع خشبه عليه قلنا : إذا كان له عليه رسم وضع خشبه أو أنتفاع به لم يملك منعه من رسمه وههنا يملك منعه بالكلية وأما إن طلب قسمها عرضا وهو أن يجعل لكل واحد منهما نصف العرض في كمال الطول نظرنا فإن كانت العرصة لا تتسع لحائطين لم يجبر الممتنع من قسمها واختلفوا واختار ابن عقيل أنه يجبر وهو ظاهر كلام الشافعي لأنه عرصة فأجبر على قسمها ضررا فلم يجبر الممتنع من قسمها عليه كالدار الصغيرة وما ذكروه ينتقض بذلك وإن كانت تتسع لحائطين بحيث يحصل لكل واحد منهما ما يبني فيه حائطا ففي إجبار الممتنع وجهان أحدهما : يجبر قاله أبو الخطاب لأنه لا ضرر في القسمة لكون كل واحد منهما يحصل له ما يندفع به حاجته فأشبه عرصة الدار التي يحصل لكل واحد منهما ما يبني فيه دارا والثاني : لا يجبر ذكره القاضي لأن هذه القسمة لا تقع فيها قرعة لأننا لو أقرعنا بينهما لم نأمن أن تخرج قرعة كل واحد منهما على ما يلي ملك جاره فلا ينتفع به فلو أجبرناه على القسمة لأجبرناه على أخذ ما يلي داره من غير قرعة وهذا لا نظير له ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين ومتى اقتسما العرصة طولا فبنى كل واحد منهما لنفسه حائطا وبقيت بينهما فرجة لم يجبر أحدهما على سدها ولم يمنع من سدها لأن ذلك يجري مجرى بناء الحائط في عرصته .
فصل : وإن كان بينهما حائط فاتفقا على قسمته طولا جاز ويعلم بين نصيبيهما بعلامة وإن اتفقا على قسمته عرضا فقال أصحابنا : يجوز القسمة لأن الحق لهما لا يخرج عنهما فأشبه العرصة ويحتمل أن لا تجوز القسمة لأنها لا تكون إلا بتمييز نصيب أحدهما من الآخر بحيث يمكنه الانتفاع بنصيبه دون نصيب صاحبه وههنا لا يتميز ولا يمكن انتفاع أحدهما بنصيبه منفردا لأن إن وضع خشبه على أحد جانبي الحائط كان ثقله على الحائط كله وإن فتح فيه طاقا يضعفه ضعف كله وإن وقع بعضه تضرر النصيب الآخر وإن طلب أحدهما قسمه وأبى الآخر فذكر القاضي أن الحكم في الحائط كالحكم في عرصته سواء ولا يجبر على قسم الحائط إلا أن يطلب أحدهما قسمه طولا ويحتمل أن لا يجبر على قسمه أيضا وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأنهما إن قطعاه بينهما فقد أتلفا جزءا من الحائط ولا يجبر الممتنع من ذلك كما لو كان بينهما ثوب فطلب أحدهما قطعه وإن لم يقطع وعلما علامة على نصفه كان انتفاع أحدهما بنصيبه انتفاعا بنصيب الآخر ووجه الأول أنه يجبر على قسم الدار وقسم حائطها المحيط بها وكذلك قسم البستان وحائطه ولا يجبر على القطع المضر بل يعلمه بخط بين نصيبهما ولا يلزم من ذلك انتفاع أحدهما بنصيب الآخر وإن اتصل به بدليل الحائط المتصل في دارين والله أعلم