حكم تصدق المرأة من مال زوجها .
فصل : وهل يجوز للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشيء اليسير بغير إذنه ؟ على روايتين إحداهما : الجواز لأن عائشة قالت : [ قال رسول الله A : ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها وله مثله بما كسب ولها بما أنفقت وللخازن مثل ذلك من غير أن ينتقص من أجورهم شيء ] ولم يذكر إذنا و [ عن أسماء أنها جاءت النبي A فقالت يا رسول الله ليس لي شيء إلا ما أدخل على الزبير فهل علي جناح في أن أرضخ مما يدخل علي فقال : ارضخي ما استطعت ولا توعي فيوعى عليك ] متفق عليهما وروي [ أن امرأة أتت النبي A فقالت يا رسول الله أنا كل على أزواجنا وآبائنا فما يحل لنا من أموالهم ؟ قال : الرطب تأكلينه وتهدينه ] ولأن العادة السماح بذلك وطيب النفس فجرى مجرى صريح الإذن كما أن تقديم الطعام بين يدي الأكلة قام مقام صريح الإذن في أكله والرواية الثانية : لا يجوز لما [ روى أبو إمامة الباهلي قال سمعت رسول الله A يقول : لا تنفق المرأة شيئا من بيتها إلا بإذن زوجها قيل يا رسول الله ولا الطعام قال : ذاك أفضل أموالنا ] رواه سعيد في سننه و [ قال النبي A لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه ] وقال : [ إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ] ولأنه تبرع بمال غيره بغير إذنه فلم يجز كغير الزوجة والأول أصح لأن الأحاديث فيها خاصة صحيحة والخاص يقدم على العام ويبينه ويعرف أن المراد بالعام غير هذه الصورة والحديث الخاص لهذه الرواية ضعيف ولا يصح قياس المرأة على غيرها لأنها بحكم العادة تتصرف في مال زوجها وتتبسط فيه وتتصدق منه لحضورها وغيبته والإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي فصار كأنها قال لها فعلي هذا فإن منعها ذلك وقال لا تتصدقي بشيء ولا تتبرعي من مالي بقليل ولا كثير لم يجز لها ذلك لأن المنع الصريح نفي للإذن العرفي ولو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجاريته أو أخته أو غلامه المتصرف في بيت سيده وطعامه جرى مجرى الزوجة فيها ذكرنا لوجود المعنى فيه ولو كانت امرأته ممنوعه من التصرف في بيت زوجها كالتي يطعمها بالفرض ولا يمكنها من طعامه ولا من التصرف في شيء من ماله لم يجز لها الصدقة بشيء من ماله لعدم المعنى فيها والله أعلم