الأنثى كالذكر في رفع الحجر عنها .
مسألة قال : وكذلك الجارية وإن لم تنكح .
يعني أن الجارية إذا بلغت وأونس رشدها بعد بلوغها دفع إليها مالها وزال الحج عنه وإن لم تزوج وبهذا قال عطاء و الثوري و أبو حنيفة و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر ونقل أبو طالب عن أحمد لا يدفع إلى الجارية مالها بعد بلوغها حتى تتزوج وتلد أو يمضي عيها سنة في بيت الزوج روي ذلك عن عمر وبه قال شريح والشعبي وإسحاق لما روى عن شريح أنه قال : عهد إلي عمر بن الخطاب Bه أن لا أجبر الجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولا أو تلد ولدا رواه سعيد في سننه ولا يعرف له مخالف فصار إجماعا وقال مالك : لا يدفع إليها مالها تزوج ويدخل عليها زوجها لأن كل حالة جاز للأب تزويجها من غير إذنها لم ينفك عنها الحجر كالصغيرة .
ولنا عموم قوله تعالى : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } ولأنها يتيم بلغ واونس منه الرشد فدفع إليه ماله كالرجل ولأنها بالغة رشيدة فجاز لها التصرف في مالها كالتي دخل بها الزوج وحديث عمر إن صح فلم يعلم انتشاره في الصحابة ولا يترك به الكتاب والقياس على أن حديث عمر مختص بمنع العطية فلا يلزمه منه المنع من تسليم مالها إليها ومنعها من سائر التصرفات ومالك لم يعمل به وإنما اعتمد على اجبار الأب لها على النكاح ولنا أن نمنع ذلك وإن سلمناه فإنما أجبرها على النكاح لأن اختبارها للنكاح ومصالحة لا يعلم إلا بمباشرته والبيع والشراء والمعاملات ممكنة قبل النكاح وعلى هذه الرواية إذا لم تتزوج أصلا احتمل أن يدوم الحجر عليها عملا بعموم حديث عمر ولأه لو يوجد شرط دفع مالها إليها فلم يجز دفعه إليها كما لو لم ترشد وقال القاضي : عندي أنه يدفع إليها مالها إذا عنست وبرزت للرجال يعني كبرت .
فصل : وظاهر كلام الخرقي أن للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة وهذا إحدى الروايتين عن أحمد وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي و ابن المنذر وعن أحمد رواية أرخى ليس لها أن تتصرف في مالها بزيادة على الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها وبه قال مالك وحكي عنه في امرأة حلفت أن تعتق جارية لها ليس لها غيرها فحنثت ولها زوج فرد ذلك عليها زوجها قال له أن يرد عليها وليس لها عتق لما روي [ أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي A بحلي لها فقال لها النبي A لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها فهل استأذنت كعبا ؟ فقال نعم فبعث رسول الله A إلى كعب فقال : هل أذنت لها تتصدق بحليها ؟ قال نعم فقبله رسول الله A ] رواه ابن ماجة وروي أيضا عن عمرو بن شعبي عن أبيه عن جده [ أن رسول الله A قال في خطبة خطبها لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها إذ هو مالك عصمتها ] رواه أبو داود ولفظه عن عبد الله بن عمرو [ أن رسول الله A قال : لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها ] ولأن حق الزوج معلق بمالها ف [ إن النبي A قال : تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها ] والعادة أن الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها ويتبسط فيه وينتفع به فإذا أعسر بالنفقة أنظرته فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض .
ولنا قوله تعالى : { فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } وهو ظاهر في فك الحجر عنهم واطلاقهم في التصرف وقد ثبت [ أن النبي A قال : يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن ] وإنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل وأتته زينب امرأة عبد الله وامرأة اسمها زينب فسألته عن الصدقة هل يخرجهن أن يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن ؟ فقال : نعم ولم يذكر لهن هذا الشرط ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشده جاز له التصرف فيه من غير إذن الغلام ولأن المرأة من أهل التصرف ولا حق لزوجها في مالها فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميع كأختها وحديثهم ضعيف وشعيب لم يدرك عبد الله بن عمرو فهل مرسل وعلى أنه محمول على أنه لا يجوز عطيتا لماله بغير إذنه بدليل أنه يجوز عطيتها ما دون الثلث من مالها وليس معهم حديث يدل على تحديد المنع بالثلث فالتحديد بذلك تحكم ليس فيه توقيف ولا عليه دليل وقياسهم على المريض غير صحيح لوجوه : أحدها : أن المرض سبب يفضي إلى وصول المال إليهم بالميراث والزوجية إنما تجعله من أهل الميراث فهي أحد وصفي العلة فلا يثبت الحكم بمجردها كما لا يثبت للمرأة الحجر على زوجها ولا لسائر الوارث بدون المرض الثاني : أن تبرع المريض موقوف فإن برئ من مرضه صح تبرعه وههنا أبطلوه على كل حال والفرع لا يزيد على أصله الثالث : أن ما ذكروه منتقض بالمرأة فإنها تنتفع بمال زوجها وتتبسط فيه عادة ولها النفقة منه وانتفاعها بماله أكثر من انتفاعه بمالها وليس لها الحجر عليه وعلى أن هذا المعنى ليس بموجود في الأصل ومن شرط صحة القياس وجود المعنى المثبت للحكم في الأصل والفرع جميعا