بطلان رهن المبيع في مدة الخيار وحكم رهن المنافع وتركة الميت .
فصل : ولو رهن المبيع في مدة الخيار لم يصح إلا أن يرهنه المشتري والخيار له وحده فيصح تصره ويبطل خياره وذكره أبو بكر وهو مذهب الشافعي وكذلك بيعه وتصرفاته ولو أفلس المشتري فرهن البائع عين ماله التي له الرجوع فيها لم يصح لأنه رهن ما لا يملكه وكذلك لو رهن الأب العين التي وهبها لابنه قبل رجوعه فيها لم يصح لما ذكرناه وللشافعي في ذلك وجهان أحدهما : يصح لأن له استرجاع العين فتصرفه فيها يدل على رجوعه فيها ولنا أنه رهن ما لا يملكه بغير إذن المالك ولا ولاية عليه فلم يصح كما لو رهن الزوج ننصف الصداق قبل الدخول .
فصل : ولو رهن ثمرة شجرة يحمل في السنة حملين لا يتميز أحدهما من الآخر فرهن الثمرة الأولى إلى محل تحدث الثانية على وجهلا يتميز فالرهن باطل لأنه مجهول حين حلول الحق فلا يمكن استيفاء الدين منه فلم يصح كما لو كان مجهولا حين العقد وكما لو رهنه إياها بعد اشتباهها فإن شرط قطع الأولى إذا خيف اختلاطهما بالثانية صح فإن كان الحمل المرهون بحق حال وكانت الثمرة الثانية تتميز من الأولى إذا حدثت فارهن صحيح فإن وقع التواني في قطع الأولى حتى اختلطت بالثانية وتعذر التمييز لم يطل الرهن لأنه وقع صحيحا وقد اختلط بغيره على وجه لا يمكن فصله فعلى هذا إن سمح الراهن بكون الثمرة رهنا أو اتفقا على قدر المرهون منهما فحسن وإن اختلفا فالقول قول الراهن مع يمينه في قدر الرهن لأنه منكر المقدر الزائد والقول قول المنكر .
فصل : ولو رهنه منافع داره شهرا لم يصح لأن مقصود الرهن استيفاء الدين من ثمنه والمنافع تهلك إلى حلول الحق وإن رهنه أجرة داره شهرا لم يصح لأنها مجهولة وغير مملوكة .
فصل : ولو رهن المكاتب من يعتق عليه لم يصح لأنه لا يملك بيعه وأجازه أبو حنيفة لأنهم لا يدخلون معه في الكتابة لو رهن العبد المأذون من يعتق على السيد لم يصح لأن ما في يده ملك لسيده فقد صار حرا بشرائه إياه .
فصل : ولو رهن الوارث تركة الميت أو باعها وعلى الميت دين صح في أحد الوجهين وقال أصحاب الشافعي : لا يصح إذا كان على الميت دين يستغرق الترك لأنه تعلق به حق آدمي فلم يصح رهنه كالمرهون .
ولنا أنه تصرف صادف ملكه ولم يعلق به حقا فصح كما لو رهن المرتد وفارق المرهون لأن الحق تعلق به باختياره فأما في مسألتنا فالحق تعلق به بغير اختياره فلم يمنع تصرفه وهكذا كل حق ثبت من غير إثباته كالزكاة والجناية فلا يمنع ورهنه فإذا رهنه ثم قضى الحق من غيره فالرهن بحاله وإن لم يقض الحق فللغرماء انتزاعه لأحقهم أسبق والحكم فيه كالحكم في الجاني وهكذا الحكم لو تصرف في التركة ثم رد عليه مبيع باعه الميت بعيب ظهر فيه أو حق تجدد تعلقه بالتركة مثل أن وقع إنسان أو بهيمة في بئر حفره في غير ملكه بعد موته فالحكم واحد وهو أن تصرفه صحيح غير نافذ فإن قضى الحق من غيره نفذ وإلا فسخ البيع والرهن .
فصل : قال القاضي : لا يصح رهن العبد المسلم لكافر واختار أبو الخطاب صحة رهنه إذا شرطان كونه على يد مسلم ويبيعه الحاكم إذا امتنع مالك وهذا أولى لأن مقصود الرهن يحصل من غير ضرر