بطلان في كل مالين يحرم النساء فيهما .
فصل : وكل مالين حرم النساء فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر لأن السلم من شرطه النساء والتأجيل و الخرقي منع بيع العروض بعضها ببعض نساء فعلى قوله لا يجوز إسلام بعضها في بعض وقال ابن أبي موسى : لا يجوز أن يكون رأس مال السلم إلا عينا أو ورقا وقال القاضي : وهو ظاهر كلام أحمد ههنا قال ابن المنذر : قيل أحمد يسلم ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن ؟ فلم يعجبه وعلى هذا لا يجوز أن يكون المسلم فيه ثمنا وهو قول أبي حنيفة لأنها لا تثبت في الذمة إلا ثمنا فلا تكون مثمنة وعلى الرواية التي يقول يجوز النساء في العروض يجوز أن يكون رأس مال السلم عرضا كالثمن سواء يجوز إسلامها في الأثمان قال الشريف أبو جعفر : يجوز السلم في الدراهم والدنانير وهذا مذهب مالك و الشافعي لأنها تثبت في الذمة صداقا فتثبت سلما كالعروض ولأنه لا ربا بينهما من حيث التفاضل ولا النساء فصح إسلام أحدهما في الآخر كالعرض في العرض ولا يصح ما قاله أبو حنيفة فإنه لو باع دراهم بدنانير صح ولا بد أن يكون أحدهما مثمنا فعلى هذا إذا أسلم عرضا في عرض موصوف بصفاته فجاءه عند الحلول بذلك العرض بعينه لزمه قبوله على أحد الوجهين لأنه أتاه بالمسلم فيه على صفته فلزمه قبوله كما لو كان غيره والثاني : لا يلزمه لأنه يفضي إلى كون الثمن هو المثمن ومن نصر الأول قال هذا لا يصح لأن الثمن إنما هو في الذمة وهذا عوض عنه وهكذا لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فحل المحل وهي على صفة المسلم فيه فأحضرها فعلى احتمالين أيضا أحدهما : لا يصح لما ذكرنا ولأنه يفضي إلى أن يكون قد استمتع بها وردها خالية عن عقر والثاني : يجوز لأنه أحضر المسلم فيه على صفته ويلط الألو بما إذا وجد بها عيبا فردها واختلف أصحاب الشافعي في هاتين المسألتين على هذين الوجهين وإن فعل ذلك حيلة لينتفع بالعين أو ليطأ الجارية ثم يردها بغير عوض لم يجز وجها واحدا لأن الحيل كلها باطلة .
الشرط الثاني : المختلف فيه تعيين مكان الإيفاء قال القاضي : ليس بشرط وحكاه ابن المنذر عن أحمد و إسحاق وطائفة من أهل الحديث وبه قال أبو يوسف و محمد وهو أحد قولي الشافعي لقول النبي A : [ من أسلم فليسلم في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم ] ولم يذكر مكان الإيفاء فدل على أنه لا يشترط وفي الحديث الذي فيه أن اليهودي أسلم إلى النبي A فقال النبي A : [ أما من حائط بني فلان فلا ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى ] ولم يذكر مكان الإيفاء ولأن عقد معاوضة فلا يشترط فيه ذكر مكان الإيفاء كبيع الأعيان وقال الثوري : يشترط ذكر مكان الإيفاء وهو الثاني للشافعي وقال الأوزاعي : هو مكروه لأن القبض يجب بحلوله ولا يعلم موضعه حينئذ فيجب شرطه لئلا يكون مجهولا وقال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي : إن كان لحمله مؤنة وجب شرطه وإلا فلا يجب لأنه إذا كان لحمله مؤنة اختلف فيه الغرض بخلاف ما لا يؤنه فيه وقال ابن أبي موسى إن كانا في برية لزم ذكر مكان الإيفاء في مكان العقد لأنه متى كانا في برية لم يكن التسليم في مكان العقد فإذا ترك ذكره كان مجهولا وإن لم يكونا في برية اقتضى العقد التسليم في مكانه فاكتفى بذلك عن ذكره فإن ذكره كان تأكيدا فكان حسنا فإن شرط الإيفاء في مكان سواه صح لأنه عقد بيع فصح شرط ذكر الإيفاء في غير مكانه كبيوع الأعيان ولأنه شرط ذكر مكان الإيفاء فصح كما لو ذكره في مكان العقد وذكر ابن أبي موسى رواية أخرى إنه لا يصح لأنه شرط خلاف ما اقتضاه العقد لأن العقد يقتضي الإيفاء في مكانه وقال القاضي وأبو الخطاب : متى ذكر مكان الإيفاء ففيه روايتان سواء شرطه في مكان العقد أو في غيره لأن فيه غررا لأنه ربما تعذر تسليمه في ذلك المكان فأشبه تعيين المكيال واختاره أبو بكر وهذا لا يصح فإن في تعيين المكان غرضا ومصلحة لهما فأشبه تعيين الزمان وما ذكروه من احتمال تعذر التسليم فيه يبطل بتعيين الزمان ثم لا يخلو اما أن يكون مقتضى العق التسليم في مكانه فإذا شرطه فقد شرط مقتضى العقد أو لا يكون ذلك مقتضى العقد فيتعين ذكر مكان الإيفاء نفيا للجهالة عنه وقطعا للتنازع فالغرر في تركه لا في ذكره وفارق تعيين المكيال فإنه لا حاجة إليه ويفوت به علم المقدر المشترط لصحة العقد ويفضي إلى التنازع وفي مسألتنا لا يفوت به شرط ويقطع التنازع فالمعنى المانع من التقدير بمكيال بعينه مجهول هو المقتضي لشرط مكان الإيفاء فكيف يصح قياسهم عليه ؟