حكم أكل الوصي ن مال اليتيم وقرضه .
فصل : وإذا كان الولي موسرا فلا يأكل من مال اليتيم شيئا لم يكن أبا لقول تعالى { ومن كان غنيا فليستعفف } وإن كان فقيزا فله أقل الأمرين من أجرته أو قدر كفايته لأنه يستحقه بالعمل بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجدا فيه فإذا أكل منه ذل كالقدر ثم أيسر فإن كان أبا لم يلزمه عوضه رواية واحدة لأن للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها وإن كان غير الأب فهل يلزمه عوض ذلك ؟ على روايتين إحداهما : لا يلزمه وهو قول الحسن و النخعي وأحد قولي الشافعي لأن الله تعالى أمر بالأكل من غير كذر عوض فأبه سائر ما أرم بأكله ولأنه عوض من علمه فلم يلزمه بدله كالأجير والمضارب والثانية ك يلزمه عوضه وهو قول عبيدة السلماني و عطاء و مجاهد و سعيد بن جبير وأبي العالية لأنه استباحه بالحاجة من مال غيره فلزمه قضاؤه كالمضر إلى طعام يغره والأول أصح لأه لو وجب عليه إذا أيسر لكان واجبا في الذمة قبل اليسار فإن اليسار ليس بسبب للوجوب فإذا لم يجب بالسبب الذي هو الأكل لم يجب بعده وفارق المضطر فإن العوض واجب عليه في ذمته ولأنه لم يأكله عوضا عن شيء وهذا بخلافه .
فصل : فأما قرض مال اليتيم فإذا لم يكن يه حظ له لم يجز قرضه فمتى أملك الولي التجارة به أو تحصيل عقار له فيه الحظ لم يقرضه لأن ذلك يفوت الحظ على اليتيم وإن لم يكن ذلك وكان قرضه حظا لليتيم جاز قال أحمد : لا يقرض مال اليتيم لأحد يريد مكافأته ومودته ويقرض على النظر والشفقة كما صنع بها عمر وقيل أحمد أن عمر استقرض مال اليتيم قال : إنها استقرض نظرا لليتيم واحتياطا إن أصابه بشيء غرمه قال القاضي : ومعنى الحظ أن يكون لليتيم مال في بلد فيريد نقله إلى بلط آخر فيقرضه من رجل في ذلك البلد ليقضيه بدله في بلده يقصد بذلك حفظه من الغرر في نقله أو يخاف عليه الهلاك من نهب أو غرق أو نحوهما وأو يكون مما يتلف بتطاول مدته أو حديثه خير من قديمه كالحنطة ونحوها فيقرضه خرفا أن يسوس أن تنقص قيمته وأشباه هذا فيجوز القرض لأنه مما لليتيم فيه الحظ فيجاز كالتجارة به و إن لم يكن فيه حظ وإنما قصد إرفاق المقترض وقضاء حاجته فهذا غير جائز لأنه تبرع بمال اليتيم فلم يجز كهبته وإن أراد الولي السفر لم يكن له المسافرة بماله وقرضه لثقة أمين أولى من إيداعه لأن الوديعة لا يتضمن إذا تلفت فإن لم يجد من يستقرضه على هذه الصفة فله إيداعه لأنه موضع حاجة ولو أودعه مع إمكان قرضه جاز ولا ضمان علية فإنه ربما رأى الإيداع أحظ له من القرض فلا يكون مفرطا وكل موضع قلنا له قرضه فلا يجوز إلا لمليء أمين ليأمن جحوده وتعذر الإيفاء وينبغي أن يأخذ رهنا أن أمكنه وإن تعذر عليه أخذ الرهن جاز تركه في ظاهر كلام أحمد ممن يستقرضه من أجل حظ اليتيم أنه لا يبذل رهنا فاشتراط الرهن يفوت هذا الحظ وقال أبو الخطاب : يقرضه إذا أخذ بالقرض رهنا فظاهر هذا أنه لا يقرضه برهن لأن فيه احتياطا للمال وحفظا له عن الجحد والمطل وإن أمكنه أخذ الرهن فالأولى له أخذه احتياطا على المال وحفظا له فإن تركه احتمل أن يضن إن ضاع المال لتريفطه واحتمل أن لا يضمن لأن الظاهر سلامته وهذا ظاهر الكلام أحمد لكونه لم يذكر الرهن