بيع العصير ممن يتخذه خمرا .
مسألة : قال : وبيع العصير ممن يتخذه خمرا باطل .
وجملة ذلك أن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم وكرهه الشافعي وذكر بعض أصحابه أن البائع إذا اعتقد أنه يعصرها خمرا فهو محرم وإنما يكره إذا شك فيه وحكى ابن المنذر عن الحسن و عطاء و الثوري أنه لا بأس ببيع الثمر لمن يتخذه مسكرا قال الثوري : بع الحلال ممن شئت واحتج لهم بقوله تعالى : { وأحل الله البيع } ولأن البيع تم بأركانه وشروطه .
ولنا قول الله تعالى : { ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } وهذا نهي يقتضي التحريم وروي عن النبي A أنه لعن في الخمر عشرة فروى ابن عباس [ أن النبي A أتاه جيريل فقال يا محمد : إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها وبائعها ومبتاعها وساقيها وأشار إلى كل معاون عليها ومساعد فيها ] أخرج هذا الحديث الترمذي من حديث أنس وقال : قد روي هذا الحديث عن ابن عباس وابن عمر عن النبي A ابن بطة في تحريم النبيذ بإسناده عن محمد بن سيرين أن قيما كان لسعد بن أبي وقاص في أرض له فأخبره عن عنب أنه لا يصح زبيبا ولا يصلح أن يباع إلا لمن يعصره فأمر بقلعه وقال : بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر ولأنه يعقد عليها لمن يعلم أنه يريدها للمعصية فأشبه إجارة أمته لمن يعلم أنه يستأجر ليزني بها والآية مخصوصة بصور كثيرة فيختص منها محل النزاع بدليلنا وقولهم تم البيع بشروطه وأركانه قلنا لكن وجد المانع منه إذا ثبت هذا فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك ما بقوله واما بقرائن مختصة به تدل على ذلك فأما إن كان الأمر محتملا مثل أن يشتريها من لا يعلم حاله أو من يعمل الخل والخمر معا ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر فالبيع جائز وإذا ثبت التحريم فالبيع بطل ويحتمل أن يصح وهو مذهب الشافعي لأنه يحرم في ذلك اعتقاده بالعقد دونه فلم يمنع صحة العقد كما لو دلس العيب .
ولنا أنه عقد على عين لمعصية الله بها فلم يصح كاجارة الأمة للزنا والغناء وأما التدليس فهو المحرم دون العقد ولأن التحريم ههنا لحق الله تعالى فأفسد العقد كبيع درهم بدرهمين ويفارق التدليس فإنه لحق آدمي