شراء الحاضر للبادي .
فصل : فأما الشراء لهم فيصح عند أحمد وهو قول الحسن وكرهت طائفة الشراء لهم كما كرهت البيع يروى عن أنس قال : كان يقال هي كلمة جامعة يقول لا تبيعن له شيئا ولا تبتاعن له شيئا وعن مالك في ذلك روايتان ووجه القول الأول أن النهي غير متناول للشراء بلفظه ولا هو في معناه فإن النهي عن البيع للفرق بأهل الحضر ليتسع لعيه السعر ويزول عنهم الضرر وليس ذلك في الشراء لهم إذ لا يتضررون لعدم الغبن للبادني بل هو دفع الضرر عنهم والخلق في نظر الشارع على السواء فكما شرع ما يدفع الضرر عن أهل الحر لا يلزم أن يلزم أهل البدو الضرر وأما إن أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع له فقد رخص فيه طلحة بن عبيد الله و الأوزاعي و ابن المنذر وكرهه مالك و الليث وقول الصحابي حجة ما لم يثبت خلافه .
فصل : قال ابن حامد : ليس للإمام أن يسعر على الناس بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون وهذا مذهب الشافعي وكان مالك يقول يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع الناس به بع كما يبيع الناس وإلا فاخرج عنا واحتد له بما روى الشافعي و سعيد بن منصور عن داود بن صالح الثمار عن القاسم ابن محمد عن عمر أنه مر بحاطب في سوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فسأله عن سعرهما فسعر له مدين بكل درهم فقال له عمرك قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون بسعر فإما أ ترفع في السعر وإما أن تدخل زبيبك فتبيعه كيف شئت ولأن في ذلك إضرارا بالناس إذا زاد تبعه أصحاب المتاع وإذا نقص أضر بأصحاب المتاع ولان ما روى أبو داود و الترمذي و ابن ماجة عن أنس قال : [ غلا السعر على عهد رسول الله A فقالوا يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا فقال : إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق إني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ] قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وعن أبي سعيد مثله فوجه الدلالة من وجهين أحدهما : أنه لم يسعر وقد سألوه ذلك ولو جاز لأجابهم إليه الثاني : أنه علل بكونه مظلمة والظلم حارم ولأنه ماله فلم يجز منعه من بيعه بما تراضى عليه المتبايعين كما اتفق الجماعة عليه قال بعض أصحابنا : التسعيير سبب الغلاء لأن الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يقدموا بسلعهم بلدا يكرهون على بيعها فيه بغير ما يريدون ومن عنده البضاعة يمتنع من بيعها ويكتمها ويطلبها أهل الحاجة إليها فلا يجدونها إلا قليلا فيرفعون في ثمنها ليصلوا إليها فتغلو الأسعار ويحصل الأضرار بالجانبين جانب الملاك في منعهم من بيع أملاكهم وجانب المشتري في منعه من الوصول إلى غرضه فليكون حراما فأما حديث عمر فقد روى فيه سعيد و الشافعي أن عمر لما رجع حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال : إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئت وهذا رجوع إلى ما قلنا وما ذكروه من الضرر موجود فيما إذا باع في بيته ولا يمنع منه