بطلان بيع الحمل دون أمه وبيع اللبن في الضرع وما يحمل صفته وبيع الأعمى .
مسألة : قال : وكذلك بيع الحمل غير أمه واللبن في الضرع .
معناه بيع الحمل في البطن دون الأم ولا خلاف في فساده قال ابن المنذر : وقد جمعوا على أن بيع الملاقيح والمضامين غير جائز وإنما لم يجز بيع الحلم في البطن لوجهين أحدهما : جهالته فإنه لا تعلم صفته ولا حياته والثاني : أه غير مقدرو على تسليمه بخلاف الغائب فإنه يقدر على الشروع في تسليمه وقد روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة [ أن النبي A نهى عن بيع المضامين والملاقيح ] قال أبو عبيد : الملاقيح ما في البطون وهي الأجنة والمضامين ما في أصلاب الفحول فكانوا يبيعون الجنين ف بطن الناقة وما يضربه الفحل في عامة أو في أعوام وأنشد : .
( إن المضامين التي في الصلب ... ماء الفحول في الظهور الحدب ) .
وروى ابن عمر [ أن النبي A نهى عن بيع المجر ] قال ابن الأعرابي : المجر ما في البطن والمجر الربا والمجر القمار والمجر المحاقلة والمزابنة .
فصل : وقد روى ابن عمر [ عن النبي A أنه نهى عن بيع حبل الحبلة ] متفق عليه معناه نتاج النتاج قاله أبو عبيدة و [ عن ابن عمر قال : كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت فنهاهم النبي A ] رواه مسلم وكلا البيعين فاسد أما الأول فلأنه بيع معود وإذا لم يجز بيع الحمل فبيع حمله أولى وأما الثاني فلأنه بيع إلى أجل مجهول .
فصل : ولا يجوز بيع اللبن في الضرع وبه قال الشافعي و إسحاق وأصحاب الرأي ونهى عنه ابن عباس وأبو هريرة وكرهه طاوس و مجاهد وحكي عن مالك أنه لا يجوز أياما معلوة إذا عرفا حلابها لسقي الصبي كلبن الظئر وأجازه الحسن وسعيد بن جبير ومحمد بن مسلمة ولنا ما روى ابن عباس [ أن رسول الله A نهى أن يباع صوف على ظهر أو لبن في ضرع ] رواه الخلال بإسناده ولأنه مجهول الصفة والمقدار فأشبه الحمل لأنه بيع عي نلم تخلق فلم يجز كبيع ما تحمل الناقة والعادة في ذلك تختلف وأما لبن الظئر فإنما جاز للحضانة لأنه موضع حاجة .
فصل : واختلفت الرواية ف بيع الصوف على الظهر فروي أنه لا يجوز بيعه لما ذكرنا من الحديث ولأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالعقد كأعضائه وروي عنه أنه لا يجوز بشرط جزه في الحال لأنه معلوم يمكن تسليمه فجاز بيعه كالرطبة وفارق الأعضاء فإنه لا يمكن تسليمها مع سلامة الحيوان والخلاف فيه كالخلاف في اللبن في الضرع فإن اشتراه بشرط القطع فتركه حتى طال فحكمه حكم الرطبة إذا اشتراها فتركها حتى طالت .
فصل : ولا يجوز بيع ما تجهل صفته كالمسك في الفأر وهو الوعاء الذي يكون فيه قابل الشاعر : .
( إذا التاجر الهندي جاء بفأرة ... من المسك راحت في مفارقهم تجري ) .
قال الفتح وشاهد ما فيه جاز بيعه وإن لم تشاهده لم يجز بيعه للجهالة وقد قال بعض الشافعية : يجوز لأن بقاءه في فأرة مصلحة له فإنه يحفظ رطوبته وذكاء رائحته فأشبه ما مأكوله في جوفه ولنا أنه يبقى خارج وعائه من غير ضرر وتبقى رائحته فلم يجز بيعه مستورا كالدر في الصدق وأما مأكوله في جوفه فإخراجه يفضي إلى تلفه والتفصيل في بيعه مع وعائه كالتفصيل في بيع السمن في ظرفه ومن ذلك البيض في الدجاج والنوى في التمر لا يجوز بيعهما للجهل بهما ولا نعلم في هذا خلافا نذكره .
فصل : فأما بيع الأعمى وشراؤه فإن أمكنه معرفة المبيع بالذوق إن كان مطعوما أو بالشم إن كان مشمونا صح بيعه وشراؤه وإن لم يمكن جاز بيعه كالبصير وله خيار الخلف في الصفة وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأثبت أوب حنيفة له الخيار إلى معرفته بالمبيع إما بحسه أو ذوقه أو وصفه وقال عبيد الله بن الحسن : شراؤه جائز وإذا أمر إنسانا بالنظر إليه لزمه وقال الشافعي : لا يجوز إلا على الوجه الذي يجوز فهي بيع المجهول أن يكون قد رآه بصيرا ثم اشتراه قبل مضي زمن يتغير المبيع فيه لأنه مجهول الصفة عند العاقد فلم يصح كبيع البيض في الدجاج والنوى في التمر ولنا أنه يمكن الإطلاع على المقصود ومعرفته فأشبه بيع البصير ولأن إشارة الأخرس تقوم مقام نطقه فكذلك شم الأعمى وذوقه وأما البيض والنوى فلا يمكن الإطلاع عليه ولا وصفه بخلاف مسألتنا