إسقاط أحد المشترين حقه في خيرا العيب وأخذ الأرش عما لا يجوز التفاضل فيه .
فصل : إذا اشترى اثنان شيئا فوجداه معيبا أو اشترطا الخيار فرضي أحدهما ففيه روايتان عن أحمد حكاهما أبو بكر و ابن أبي موسى إحداهما : لمن يرض الفسخ وبه قال ابن أبي ليلى و الشافعي و أبو يوسف و محمد وهو إحدى الروايتين عن مالك والأخرى : لا يجوز له رده وهو قول أبي حنيفة و أبي ثور لأن المبيع خرج عن ملكه دفعة واحدة غير متشقص فإذا رده مشتركا رده ناقصا أشبه ما لو تعيب عنده ووجه الأولى أنه رد جميع ما ملكه بالعقد فجاز كما لو انفرد بشرائه والشركة إنما حصلت بإيجاب الباع لأنه باع كل واحد منهم نصفها فخرج عن ملك البائع مشقصة بخلاف العيب الحادث .
فصل : وإذا ورث اثنان عن أبيهما خيار عيب فرضي أحدهما سقط حق الآخر من الرد لأنه لو رد وحده تشقصت السلعة على البائع فتضرر بذلك وإنما أخرجها عن ملكه إلى واحد غير مشقصة فلا يجوز رد بعضها إليه مشقصا بخلاف المسألة التي قبلها فإن عقد الواحد مع الاثنين عقدان فكأنه باع كل واحد منهما نصفها منفردا فرد عليه أحدهما جميع ما باعه إياه وههنا بخلافه .
فصل : ولو اشترى رجل على رجلين شيئا فوجده معيبا فله رده عليهما فإن كان أحدهما غائبا رد على الحاضر حصته بقسطها من الثمن ويبقى نصيب الغائب في يده حتى يقدم ولو كان أحدهما باع العين كلها بوكالة الآخر فالحكم كذلك سواء أكان الحاضر الوكيل أو الموكل نص أحمد على قريب من هذا فإن أراد رد نصيب أحدهما وإمساك نصيب الآخر جاز لأنه يرد على البائع جميع ما باعه ولا يحصل برده تشقيص لأن المبيع كان مشقصا قبل البيع .
فصل : فإن اشترى حلي فضة بوزنه رداهم فوجده معيبا فله رده وليس له أخذ الأرش لإفضائه إلى التفاضل فيما يجب التماثل فيه فإن حدث به عيب عند المشتري فعلى إحدى الروايتين يرده ويرد أرش العيب الحادث عنده ويأخذ ثمنه وقال القاضي : لا يجوز له رده لإفضائه إلى التفاضل فلا يصح لأن الرد فسخ للعقد ورفع له فلا تبقى المعاوضة وإنما يدفع الأرض عوضا عن العيب الحادث عنده بمنزلة ما لو جنى عليه في ملك صاحبه من غير بيع وكما لو فسخ الحاكم عليه وعلى الرواية الأخرى يفسخ الحاكم البيع ويرد البائع الثمن ويطالب بقيمة الحلي لأنه لم يمكن إهمال العيب ولا أخذ الأرش ولأصحاب الشافعي وجهان كهاتين الروايتين وإن تلف الحلي فإنه يفسخ العقد ويرد قيمته ويسترجع الثمن فإن تلف المبيع لا يمنع جاوز افسخ وعندي أن الحاكم إذا فسخ وجب رد الحلي وأرش نقصه كما قلنا فيم إذا فسخ المشتري على الرواية الأخرى وإنما يرجع إلى قيمته عند تعذر رده بتلف أو عجز وليس في رده ورد أرشه تفاضل لأن المعاوضة زالت بالفسخ فلم يبق له مقابل وإنما هذا الأرش بمنزلة أرش الجناية عليه ولأن قيمته إذا زادت على وزنه أو نقصت عنه أفضى إلى لا التفاضل لأن قيمته عوض عنه فلا يجوز ذلك إلا أن يأخذ قيمته من غير جنسه ولو باع قفيزا مما فيه الربا بمثله فوجد أحدهما بما أخذه عيبا ينقص قيمته دون كيله لم يملك أخذ أرشه لئلا يفضي إلى التفاضل والحكم فيه على ما ذكرناه في الحلي بالدراهم