بطلان العرية بترك الرطب حتى يثمر .
مسألة : قال : فإن تركه المشتري حتى يتمر بطل العقد .
يعني إن لم يأخذها المشتري رطبا بطل العقد خلافا للشافعي في قوله لا يبطل وعن أحمد مثله لأن كل ثمرة جاز بيعها رطبا لا يبطل العقد إذا صارت تمرا كغير العرية ولنا قول النبي A : [ يأكلها أهلها رطبا ] ولأن شراءها إنما جاز للحاجة إلى أكل الرطب فإذا أتمرت تبينا عدم الحاجة فيبطل العقد ثم لا فرق بين تركه لغناه عنها أو مع حاجته إليها أو تركها لعذر أو لغير عذر للخبر ولو أخذا رطبا فتركها عنده فأتمرت أو شمسها حتى صارت تمرا جاز لأنه قد أخذها ونقل عن أحمد رواية أخرى فيمن اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها ثم تركها حتى بدا صلاحها لا يبطل البيع فيخرج ههنا مثله فإن أخذ بعضها رطبا وترك باقيها حتى أتمر فهل يبطل البيع في الباقي على وجهين .
فصل : ولا يجوز بيع العرية في غير النخيل وهو اختيار ابن حامد وقول الليث بن سعد إلا أن يكون مما ثمرته لا يجري فيها الربا فيجوز بيع رطبها بيابسها لعدم جريان الربا فيها ويحتمل أن يجوز في العنب والرطب دون غيرهما وهو قول الشافعي لأن العنب كالرطب في وجوب الزكاة فيهما وجواز خرصهما وتوسيقهما وكثرة تيبيسهما واقتياتهما في بعض البلدان والحاجة إلى أكل رطبهما والتنصيص على الشيء يوجب ثبوت الحكم في مثله ولا يجوز في غيرهما لاختلافهما في أكثر هذه المعاني فإنه لا يمكن خرصها لتفرقها في الأغصان واستتارها بالأوراق ولا يقتات يابسها فلا يحتاج إلى الشراء به وقال القاضي : يجوز في سائر الثمار وهو قول مالك و الأوزاعي قياسا على ثمرة النخيل .
ولنا ما روى الترمذي [ أن النبي A نهى عن المزابنة التمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم وعن بيع العنب بالزبيب وكل ثمرة بخرصها ] وهذا حديث حسن وهذا يدل على تخصيص العرية بالتمر وعن زيدبن ثابت عن رسول الله A أنه رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك و [ عن ابن عمر قال : نهى رسول الله A عن المزابنة والمزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب كيلا وعن كل ثمر بخرصه ] ولأن الأصل يقتضي تحريم ببيع العرية وإنما جازت في ثمره النخيل رخصه ولا يصح قياس غيرها عليها لوجهين أحدهما : أن غيرها لا يساويها في كثرة الاقتيات بها وسهولة خرصها وكون الرخصة في الأصل لأهل المدنية وإنما كانت حاجتهم إلى الرطب دون غيره الثاني : أن القياس لا يعمل به إذا خالف نصا وقياسهم يخالف نصوصا غير مخصوصه وإنما يجوز التخصيص بالقياس على المحل المخصوص ونهي النبي A عن بيع العنب بالزبيب لم يدخله تخصيص فيقاس عليه وكذلك سائر الثمار والله أعلم