بيع الرطب بيابس من جنسه .
مسألة : قال : ولا يباع شيء من الرطب بيابس من جنسه إلا العرايا .
أرادالرطب مما يجري فيه الربا كالرطب بالتمر والعنب بالزبيب واللبن بالجبن والحنطة المبلولة أو الرطبة باليابسة أو المقلية بالنيئة ونحو ذلك وبه قال سعد بن أبي وقاص و سعيد بن المسيب و الليث و مالك و الشافعي و إسحاق و أبو يوسف و محمد قال ابن عبد البر : جمهور علماء المسلمين على أن بيع الرطب بالتمر لا يجوز بحال من الأحوال وقال أبو حنيفة يجوز ذلك لأنه لا يخلو إما أن يكون من جنسه فيجوز ذلك لأنه لا يخلو إما أن يكون من جنسه فيجوز لقوله عليه السلام : [ التمر بالتمر مثلا بمثل ] أو من غير جنسه فيجوز لقوله عليه السلام : [ فإذا اختلفت هذا الأصناف فبيعوا كيف شئتم ] ولنا قوله عليه السلام [ لا تبيعوا التمر بالتمر ] وفي لفظ [ نهى عن بيع التمر بالتمر ورخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا ] متفق عليه وعن سعد [ أن النبي A سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال : أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا نعم فنهى عن ذلك ] رواه مالك و أبو داود و الأثرم و ابن ماجة ولفظ رواية الأثرم قال : [ فلا إذن ] نهى وعلل بأنه ينقص إذا يبس وروى مالك عن نافع عن ابن عمر [ أن رسول الله A نهى عن المزابنة ] والمزابنة بيع الرطب بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب كيلا ولأنه جنس فيه الربا بيع بعضه ببعض على وجه ينفرد أحدهما بالنقصان فلم يجز كبيع المقلية بالنيئة ولا يلزم الحديث بالعتيق لأن التفاوت يسير قال الخطابي : وقد تكلم بعض الناس في إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في بيع الرطب بالتمر وقال زيد : أبو عياش راويه ضعيف وليس الأمر على ما توهمه وأبو عياش مولى بني زهرة معروف وقد ذكرناه مالك في الموطأ وهو لا يروي عن متروك الحديث .
فصل : فأما بيع الرطب بالرطب والعنب بالعنب ونحوه من الرطب بمثله فيجوز مع التماثل في قول أكثر أهل العلم ومنع منه الشافعي فيما ييبس فأما مالا ييبس كالقثاء والخيار ونحوه فعلى قولين لأنه لا يعلم تساويهما حالة الادخار فأشبه الرطب بالتمر وذهب أبو حفص العكبري من أصحابنا إلى هذا وحمل كلام الخرقي عليه لقوله في اللحم : لا يجوز بيع بعضه ببعض رطبا ويجوز إذا تناهي جفافه مثلا بمثل ومفهوم كلام الخرقي ههنا إباحة ذلك لأن مفهوم نهيه عليه السلام عن بيع التمر بالتمر إباحة بيع كل واحد منهما بمثله ولأنهما تساويا في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان فجاز كبيع اللبن باللبن والتمر بالتمر ولأن قوله تعالى : { وأحل الله البيع } عام خرج منه المنصوص عليه وهو بيع التمر بالتمر وليس هذا في معناه فبقي على العموم وما ذكره لا يصح فإن التفاوت كثير وينفرد أحدهما بالنقصان بخلاف مسألتنا ولا بأس ببيع الحديث بالعتيق لأن التفاوت في ذلك يسير ولا يمكن ضبطه فيعفى عنه