وما لزم من الدماء في غير جزاء الصيد يجزئه .
مسألة : قال : وما لزم من الدماء فلا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني من غيره .
هذا في غير جزاء الصيد فأما جزاء الصيد فمنه جفرة وعناق وجدي وصحيح ومعيب وأما في غيره مثل هدي المتعة وغيره فلا يجزئ لا الجذع من الضأن وهو الذي له ستة أشهر والثني من غره وثني المعز ماله سنة وثني البقر له سنتان وثني الإبل له خمس سنين وبهذا قال مالك و الليث و الشافعي و إسحاق و أبو ثور وأصحاب الرأي وقال ابن عمر والزهري : لا يجزئ إلا الثني من كل شيء وقال عطاء و الأوزاعي يجزئ الجذع م الكل إلا المعز ولنا على الزهري ما روي عن أم بلال بنت هلال عن أبيها [ أن رسول الله A قال : لا يجوز إلا الجذع من الضأن أضحية ] وعن عاصم بن كليب قال : كنا مع رجل من أصحاب رسول الله A يقال له : مجاشع من بني سليم فعزت الغنم فأمر مناديا فنادى إن رسول الله A كان يقول : [ إن الجذع يوفي ما توفي منه الثنية ] وعن جابر قال : [ قال رسول الله A لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعا من الضأن ] رواهن ابن ماجة وروي جابر و مسلم و أبو داود وهذا حجة على عطاء و الأوزاعي وحديث [ أبي بردة بن نيار حين قال : يا رسول الله إن عندي عناقا جذعا هي خير من شاتي لحم ؟ فقال : تجزئك ولا تجزئ عن أحد بعدك ] أخرجه أبو داود و النسائي وفي لفظ أن عندي داجنا جذعة من المعز قال أبو عبيد الهروي قال إبراهيم الحربي إنما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي لأنه ينزو فيلقح فإذا كان من المعز لم يلقح حتى يصير ثنيا .
فصل : ويمنع من العيوب في الهدي ما يمنع في الأضحية [ قال البراء بن عازب قام فينا رسول الله A فقال : أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والكسيرة التي لا تنقى قال قلت : إني أكره أن يكون في السن نقص قال : ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد ] رواه أبو داود و النسائي وبهذا قال عطاء قال : أما الذي سمعناه فالأربع وكل شيء سواهن جائز ومعنى قوله : [ البين عورها ] أي انخسفت عينها وذهبت فإن ذلك ينقصها لأن شحمة العين عضو مستطاب فلو كان على عينها بياض ولم تذهب العين جازت التضحية بها لأن ذلك لا ينقصها في اللحم والعرجاء البين عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف ويهزلها والتي لا تنقى التي لا مخ لها لهزالها والمريضة قيل هي الجرباء لأن الجرب يفسد اللحم وظاهر الحديث أن كل مريضة مرضا يؤثر في هزالها أو في فساد لحمها يمنع التضحية بها وهذا أولى لتناول اللفظ له والمعنى فهذا الأربع لا نعلم بين أهل العلم خلافا في منعها ويثبت الحكم فيما فيه نقص أكثر من هذه العيوب بطري التنبيه فلا يجوز العمياء لأن العمى أكثر من العور ولا يعتبر مع العمى انخساف العين لأنه يخل بالمشي مع الغنم والمشاركة في العلف أكثر من اخلال العرج ولا يجوز ما قطع منها عضو مستطاب كالالية لأن ذلك أبلغ في الإخلال بالمقصود من ذهاب شحمة العين فأما العضباء وهي ما ذهب نصف أذنها أو قرنها فلا تجزئ وبه قال أبو يوسف محمد في عضباء الأذن وعن أحمد لا تجزئ ما ذهب ثلث أذنها وبه قال أبو حنيفة وروي عن علي وعمار وسعيد بن المسيب والحسن تجزئ المكسورة القرن لأن ذهاب ذل لا يؤثر في اللحم فأجزأت كالجماء وقال مالك : إن كان يدمى لم يجز والاجاز ولنا ما روى علي Bه قال : نهى رسول الله A أن يضحى بأعضب الأذن والقرن رواه النسائي و ابن ماجة قال قتادة : فسأتل سعيد بن المسيب فقال : نعم العضب النصف فأكثر من ذلك ويحمل قول علي Bه ومن وافقه على أن كسر ما دون النصف لا يمنع .
فصل : ويجزئ الخصي سواء كان مما قطعت خصيتاه أو مسلولا وهو الذي سلت بيضتاه و موجوءا وهو الذي رضت بيضتاه لان النبي A ضحى بكبشين أملحين موجوءين والمرضوض كالمقطوع ولأن ذلك العضة غير مستطاب وذهابه يؤثر في سمنه وكثرة اللحم وطيبه وهو المقصود ولا نعلم في هذا خلافا وتجزئ الجماء وهي التي لم يخلق لها قرن وحكي عن ابن حامد أنها لا تجزئ لأن عدم القرن أكثر من ذهاب نصفه والأولى أنها تجزئ لأن القرن ليس بمقصود ولا ورد النهي عما عدم فيه وتجزئ الصمعاء وهي التي لم يخلق لها أذن أو خلقت لها أذن صغيرة كذلك وتجزئ البتراء وهي المقطوعة الذنب كذلك .
فصل : ويكره أن يضحي بمشقوقه الأذن أو ما قطع منها شيء أو ما فيها عيب من هذه العيوب التي لا تمنع الأجزاء لقول علي Bه أمرنا أن نستشرف العين والأذن ولا يضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء قال زهير : قلت لأبي إسحاق ما المقابلة ؟ قال : يقطع طرف الأذن قلت فما المدابرة ؟ قال : يقطع مؤخر الأذن قلت : فما الخرقاء ؟ قال : يشق الأذن قلت : فما الشرقاء ؟ قال : يشق أذنها للسمة رواه أبو داود والنسائي قال القاضي : الخرقاء التي انثقبت أذنها والشرقاء التي تشق أذنها وتبقى كالشاختين وهذا ينهى تنزيه ويحصل الأجزاء بها لا نعلم في هذا خلافا