تقليد الهدي وإشعاره وما يجوز أن يهدي من الحيوان وسبعا من الغنم يجزئ البدنة .
فصل : ويسن تقليد الهدي وهو أن يجعل في أعناقها النعال وآذان القرب وعراها أو علاقة اداوة سواء كانت إبلا أو بقرا أو غنما وقال مالك و أبو حنيفة لا يسن تقليد الغنم لأنه لو كان سنة لنقل كما نقل في الإبل ولنا [ أن عائشة قالت : كنت أفتل القلائد للنبي A فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالا ] وفي لفظ [ كنت أفتل قلائد الغنم للنبي A ] رواه البخاري ولأنه هدي فيسن تقليده كالإبل ولأنه إذا سن تقليده الإبل مع إمكان تعريفها بالإشعار فالغنم أولى وليس التساوي في النقل شرطا لصحة الحديث ولأنه كان يهدي الإبل أكثر فكثر نقله .
فصل : ويسن إشعار الإبل والبقر وهو أن يشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها في قول عامة أهل العلم وقال أبو حنيفة : هذا مثله غير جائز لأن النبي A نهى عن تعذيب الحيوان ولأنه إيلام فهو كقطع عضو منه وقال مالك : إن كنت البقرة ذات سنام فلا بأس بأشعارها وإلا فلا ولنا ما [ روت عائشة Bها قالت : فتلت قلائد هدي النبي A ثم أشعرها وقلدها ] متفق عليه رواه ابن عباس وغيره وفعله الصحابة فيجب تقديمه على عموم ما احتجوا به وبأنه إيلام لغرض صحيح فجاز كالكي والوسم والفصد والحجامة والغرض أن لا نختلط بغيرها وأن يتوقاها اللص ولا يحصل ذلك بالتقليد لأنه يحتمل أن ينحل ويذهب وقياسهم والغرض أن لا تختلط بغرها وأن يتوقاها اللص ولا يحص لذلك بالتقليد لأنه يحتمل أن ينحل ويذهب وقياسهم منتقض بالكي والوسم وتشعر البقرة لأنه من البدن فتشعر كذات السنام وأما الغنم فلا يسن أشعارها لأنها ضعيفة وصوفها وشعرها يستر موضع اشعارها إذا ثبت هذا فالسنة الاشعار في صفحتها اليمنى وبهذا قال الشافعي و أبو ثور وقال مالك و أبو يوسف بل تشعر في صفحتها اليسرى وعن أحمد مثله لأن ابن عمر فعله ولنا ما روى ابن عباس [ أن النبي A صلى بذي الحليفة ثم دعا ببدنة وأشعرها من صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم عنها بيده ] رواه مسلم وأما ابن عمر فقد روي عنه كمذهبنا رواه البخاري ثم فعل النبي A أولى من قول ابن عمر وفعله بلا خلاف ولأن النبي A كان يعجبه التيمن في شأنه كله وإذا ساق الهدي من قبل الميقات استحب اشعاره وتقليده من الميقات لحديث ابن عباس وإن ترك الأشعار والتقليد فلا بأس لأن ذلك غير واجب .
فصل : ولا يسن الهدي إلا من بهيمة الأنعام لقول الله تعالى : { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير } وأفضله الإبل ثم البقر ثم الغنم لما روى أبو هريرة [ أن رسول A قال : من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ] متفق عليه وقال ابن عباس لامرأة أصابها زوجها في العمرة : عليك فدية من صيام أو صدقة أو نسك قالت : أي النسك قالت : أي النسك أفضل ؟ قال : إن شئت فناقة وإن شئت فبقرة قالت : أي ذلك أفضل ؟ قال : انحري ناقة رواه الأثرم ولأن ما كان أكثر لحما كان أنفع للفقراء ولذلك أجزأت البدنة مكان سبع من الغنم والشاة أفضل من سبع بدنة لأن لحمها أطيب من المعز لذلك .
الفصل : والذكر والأنثى في الهدي سواء وممن أجاز ذكران الإبل ابن المسيب و عمر بن عبد العزيز و مالك و عطاء و الشافعي وعن ابن عمر أنه قال : ما رأيت أحدا فاعلا ذلك وإن أنحر أنثى أحب إلي والأول أولى لأن الله تعالى قال : { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله } ولم يذكر ذكرا ولا أنثى وقد ثبت أن النبي A أهدي جملا لأبي جعل في أنفه برة من فضة رواه أبو داود وابن ماجة ولأنه يجوز من سائر أنواع بهيمة الأنعام ولذلك [ قال النبي A : فكأنما قرب كبشا أقرن ] فكذلك من الإبل ولأن القصد اللحم ولحم الذكر أوفر ولحم الأنثى أرطب فيتساويان قال أحمد الخصي أحب إلينا من النعجة وذلك لأن لحمه أوفر وأطيب .
مسألة : قال : ومن وجبت عليه بدنة فذبح سبعا من الغنم أجزأه .
ظاهر هذا أن سبعا من الغنم يجزئ عن البدنة مع القدرة عليها سواء كانت الدبنة واجبة بنذر أو جزاء صيد أو كفارة وطء وقال ابن عقيل : إنما يجزئ ذلك عنها عند عدمها في ظاهر كلام احمد لأن ذلك بدل عنها فلا يصار إليه مع وجودها كسائر الإبدال فأما مع عدمها فيجوز لما روى ابن عباس قال : [ أتى النبي A رجل فقال : إن علي بدنة وأنا موسر لها ولا أجدها فاشتريها ؟ فأمره النبي A أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن ] رواه ابن ماجة ولنا أن الشاة معدولة بسبع بدنة وهي أطيب لحما فإذا عدل عن الأدنى إلى الأعلى جاز كما لو ذبح بدنة مكان شاة .
فصل : ومن وجب عليه سبع من الغنم في جزاء الصيد لم يجزئه بدنة في الظاهر لأن سبعا من الغنم أطيب لحما فلا يعدل عن الأعلى إلى الأدنى وإن كان ذلك في كفارة محظور أجزأه بدنة لأن الدم الواجب فيه ما استيسر من الهدي وهو شاة أو سبع بدنة وقد كان أصحاب النبي A يتمتعون فيذبحون البقرة عن سبعة قال جابر : [ كنا نتمتع مع رسول الله A فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها ] وفي لفظ [ أمرنا رسول الله A أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة ] رواه مسلم .
فصل : ومن وجبت عليه البقرة أجزأته بدنة لأنها أكثر لحما وأوفر ويجزئه سبع من الغنم لأنها تجزئ عن البدنة فعن القبرة ألوى ومن أولى ومن لزمه بدنة في غير النذر وجزاء الصيد أجزأته بقرة لما روى أبو الزبير عن جابر قال : كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له والبقرة ؟ فقال : وهل هي إلا من البدن فأما في النذر فال ابن عقيل : يلزمه ما نواه فإن أطلق فعنه روايتان إحداهما : تجزئه البقرة لما ذكرنا من الخبر والأخرى لا تجزئه إلا أن يعدم البدنة وهذا قول الشافعي لأنها بدل فاشترط عدم المبدل والأولى للخبر ولا ما أجزأ عن سبعة في الهدايا ودم المتعة أجزأ في النذر بلفظ البدنة كالجزور .
فصل : ويجوز أن يشترط السبعة في البدنة ولا بقرة سواء كان واجبا أو تطوعا وسواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم وأراد الباقون اللحم وقال مالك : لا يجوز الاشتراك في الهدي وقال أبو حنيفة يجوز إذا كانوا متفرقين كلهم ولا يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة وحديث جابر يرد قول مالك ولنا على أبي حنيفة أن الجزء المجزى لا نقص بإرادة الشريك غير القربة فجاز كما لو اختلفت جهات القرب فأراد بعضهم المتعة والآخر القران ويجوز أن يقتسموا اللحم لأن القسمة افراز حق وليست بيعا