وإن وطئ قبل رمي جمرة العقبة .
مسألة : قال : وإن وطئ بعد رمي جمرة العقبة فعليه دم ويمضي إلى التنعيم فيحرم ليطوف وهو محرم .
وفي هذه المسألة ثلاثة فصول : .
فصل : أحدها : أن الوطء بعد الجمرة لا يفسد الحج وهو قول ابن عباس وعكرمة وعطاء و الشعبي و ربيعة و مالك و الشافعي و إسحاق وأصحاب الرأي وقال النخعي و الزهري وحماد : عليه حج من قابل لأن والوطء صادف إحراما من الحج فأفسده كالوطء قبل الرمي ولنا [ قول النبي A : من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وكان قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ] ولأنه قول ابن عباس فإنه قال في رجل أصاب أهل قبل أن يفيض يوم النحر : ينحران جزورا بينها وليس عليه الحج من قابل ولا نعرف له مخالفا في الصحابة ولأن الحج عبادة لها تحللان فوجود المفسد بعد تحللها الأول لا يفسدها كبعد التسليمة الأولى في الصلاة وبهذا فارق ما قبل التحلل الأول .
الفصل الثاني : أو الواجب عليه بالوطء شاة هذا ظاهر كلام الخرقي ونص عليه أحمد وقول عكرمة و ربيعة و مالك و إسحاق وقال القاضي : فيه رواية أخرى أن عليه بدنة وهو قول ابن عباس و عطاء و الشعبي و الشافعي وأصحاب الرأي لأنه وطئ في الحج فوجبت عليه بدنة كما قبل رمي جمرة العقبة ولنا أنه وطء لم يفسد فلم يوجب كالوطء دون الفرج إذا ينزل ولأن حكم الإحرام خف بالتحلل الأول فينبغي أن يكون موجبه الإحرام التام .
الفصل الثالث : أنه يفسد الإحرام بالوطء بعد رمي الجمرة ويلزمه أن يحرم من الحل وبذلك قال عكرمة و ربيعة و إسحاق وقال ابن عباس و عطاء و الشعبي و الشافعي : حجة صحيح ولا يلزمه الإحرام لأنه إحرام لا يفسد جميعه فلم يفسد بعضه كما لو وطئ بعد التحلل الثاني .
ولنا أنه وطء صادف إحراما فأفسده كالإحرام التام وإذا فسد إحرامه فعليه أن يحرم ليأتي بالطواف في إحرام صحيح لأن الطواف ركن فيجب أن يأتي به في الإحرام من الحرم لم يجمع بينهما لأن أفعاله كلها تقع في الحرم فأشبه المعتمر وإذا أحرم من الحل طاف للزيارة وسعى إن كان لم يسع في حجه وإن كان سعى طاف للزيارة وتحلل هذا ظاهر كلام الخرقي لأن الذي بقي عليه بقية أفعال الحج وإنما وجب عليه الإحرام ليأتي بها ف إحرام صحيح والمنصوص عن أحمد ومن وافقه من الأئمة أنه يعتمر فيحتمل أنهم أرادوا هذا أيضا وسموه عمرة لأن هذا هو أفعال العمر ويحتمل أنهم أرادوا عمرة حقيقة فيلزمه سعى وتقصير والأول أصح لما ذكرنا وقول الخرقي : يحرمن التنعيم لم يذكره لتعيين الإحرام منه بل لأنه حل فمن أحل وإحرام جاز كالمعتمر .
فصل : ولا فرق بين من حلق ومن لم يحلق في أنه لا يفسد حجه بالوطء بعد الرمي وعليه دم وإحرام من الحل هذا ظاهر كلام أحمد والرخي ومن سميناه من الأئمة لترتيبهم هذا الحكم على الوطء بعد مجرد الرمي من غير اعتبار أمر زائد .
فصل : فإن طاف للزيارة ولم يرم ثم وطئ لم يفسد حجه بحال لأن الحج قد تم أركانه كلها ولا يلزمه إحرام من الحل فإن الرمي ليس بركن وهل يلزمه دم ؟ يحتمل أنه لا يلزمه شيء لما ذكرنا ويحتمل أنه يلزمه لأنه وطئ قبل وجود ما يتم به التحلل فأشبه من وطئ بعد الرمي وقبل الطواف .
فصل : والقارن كالمفرد فإنه إذا وطئ بعد الرمي لم يفسد حجه ولا عمرته لأن الحكم للحج ألا ترى أنه لا يحل من عمرته قبل الطواف ويفعل ذلك إذا كان قارنا ولأن الترتيب للحج دونها والحج لا يفسد قبل الطواف كذلك العمرة وقال أحمد : من وطئ بعد الطواف يوم النحر قبل أن يركع ما عليه شيء قال أبو طالب : سألت أحمد عن الرجل يقبل بعد رمي جمرة العقبة قبل أن يزور البيت قال : ليس عليه شيء قد قضى المناسك فعلى هذا ليس عليه فيما دون الوطء في الفرج شيء