من وطئ قبل رمي جمرة العقبة .
مسألة : قال : ومن وطئ قبل رمي جمرة العقبة فقد فسد حجهما وعليه بدنة إن كان استكرهها ولا دم عليها .
في هذه المسألة ثلاثة فصول : .
الفصل الأول : أن الوطء قبل جمرة العقبة يفسد الحج ولا فرق بين ما قبل الوقوف وبعده وبهذا قال مالك و الشافعي وقال أصحاب الرأي : إن وطئ بعد والوقوف لم يفسد حجة لقول النبي A : [ من أدرك عرفة فقد تم حجه ] ولأنه أمن الفوات فأن الفساد كما بعد التحلل الأول .
ولنا أن رجلا سأل ابن عباس وعبد الله بن عمرو فقال : وقعت بأهلي ونحن محرمان فقالا له : أفسدت حجك ولم يستفصلوا السائل رواه الأثرم ولأنه وطء صادف إحراما تاما فأفسده كقبل الوقوف ويخالف ما بعد التحلل الأول فإن الإحرام غير تام والمراد نم اخبر الأمن من الفوات ولا يلزم من أمن الفوات أمن الفساد وبدليل العمرة يأمن فواتها ولا يأمن فسادها قال أحمد : لا أعلم أحدا قال : إن حجة تام غبر أبي حنيفة يقول الحج عرفات فمن وقف بها فقد تم حجة وإنما هذا مثل [ قول النبي A من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ] أي أدرك فضل الصلاة ولم تفته كذلك الحج إذا ثبت هذا فإنه يفسد حجهما جميعا لأن جماع وبجد منهما وسواء في ذلك الناسي والعامد والمستكرهة والمطاوعة والمستيقظة علاما كان الرجل أو جاهلا وقال الشافعي في أحد قوليه : لا يفسد حج الناسي لأنه معذور .
ولنا أنه معنى يوجب القضاء فاستوت فيه الأحوال كلها كالفوات ولا فر بين ما بعد يوم النحر أو قبله لأنه وطئ قبل التحلل الأول ففسد حجة كما لو وطئ يوم النحر .
الفصل الثاني : أنه يلزمه بدنة وبهذا قال مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة : إن وطئ قبل الوقوف فسد حجه وعليه شاة وإن وطئ بعده لم يفسد حجه وعليه بدنة لأن الوطء قبل الوقوف معنى يتعلق به وجوب القضاء فلم يوجب بدنة كالفوات .
ولنا أنه قد روي عن عمر وابن عباس مثل قولنا ولأنه وطء صادف إحراما تاما فأوجب البدنة كما بعد الوقوف ولأن ما يفسد الحج الجناية به أعظم فكفارته يجب أن تكون أغلظ وأما الفوات فإنهم يوجبون به بدنة فكيف يصح القياس عليه ؟ .
الفصل الثالث : أن لا دم عليها في حال الإكراه وهو قول عطاء و مالك و الشافعي و إسحاق و أبي ثور وقال أصحاب الرأي : عليها دم آخر لأنه قد فسد حجها فوجبت البدنة كما لو طاوعت .
ولنا أنها كفارة تجب بالجماع فلم تجب على المرأة في حال الإكراه كما لو وطئ في الصوم .
فصل : ومن وطئ قبل التحلل من العمرة فسدت عمرته وعليه شاة مع القضاء وقال الشافعي : عليه القضاء وبدنة لأنها عبادة تشتمل على طواف وسعي فأشبهت الحج وقال أبو حنيفة : إن وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط كقولنا وإن وطئ بعد ذلك فعله شاة ولا تفسد عمرته ولنا على الشافعي أنها عبادة لا وقوف فيها فلم يجب فيها بدنة كما لو قرنها بالحج ولأن العمرة دون الحج فيجب أن يكون حكمها دون حكمه وبهذا يخرج الحج ولنا على أبي حنيفة أن الجماع من محظورات الإحرام فاستوى فيه ما قبل الطواف وبعده كسائر المحضورات ولأنه وطء صادف إحراما تاما فأفسده كما قبل الطواف .
فصل : إذا أفسد القارن والمتمتع نسكها ولم يسقط الدم عنهما وبه قال مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة : يسقط وعن أحمد مثله لأنه لم يحصل له الترفه بسقط بالإفساد كالدم الواجب لترك الميقات .
فصل : وإذا افسد القارن نسكه ثم قضى مفردا لم يلزمه في القضاء دم وقال الشافعي يلزمه لأنه يجب في القضاء ما يجب في الأداء وهذا كان واجبا في الأداء ولنا أن الأفراد أفضل من القران مع الدم فإذا أتى بهما فقد أتى بما هو أولى فلا يلزمه شيء كمن لزمته الصلاة بتيمم فقضى بالوضوء