القرآن القارن كالمفرد حكم القارن في صيده وإفساد نسكه .
مسألة : قال : وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد إلا أن عليه دما فإن لم يجد صام ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع .
المشهور عن أحمد أن القارن بين الحج والعمرة لا يلزمه من العمل إلا ما يلزم المفرد وأنه يجزئه طواف واحد وسعي واحد لحجه وعمرته نص عليه في رواية جماعة من أصحابه وهذا قول ابن عمر وجابر بن عبد الله وبه قال عطاء و طاوس و مجاهد و مالك و الشافعي و إسحاق و أبو ثور و ابن المنذر وعن أحمد رواية ثانية أن عليه طوافين وسعيين ويروي ذلك عن شعبي وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن الأسود وبه قال الثوري والسحن بن صالح وأصحاب الرأي وقد روي عن علي ولم يصح عنه واحتج بعض من اختار ذلك بقوله الله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } وتمامهما أن يأتي بأفعالها على الكمال ولم يفرق بين القارن وغيره وروي [ عن النبي A أنه قال : من جمع يبن الحج والعمرة فعليه طوافان ] ولأنهما نسكن فكان لهما طوافان كما لو كانا منفردين .
ولنا ما روى عن عائشة Bها أنها قالت : وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة فإنهم طافوا لهما طوافا واحدا متفق عليه وفي مسلم [ أن النبي A قال لعائشة لما قرنت بين الحج والعمرة : يسعك طوافك لحجك وعمرتك ] وعن ابن عمر قال : [ قال رسول الله A : من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما جميعا ] وعن جابر [ أن النبي A قرن بني الحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدا ] رواهما الترمذي وقال في كل واحد منهما حديث حسن وروى ليث عن طاوس و عطاء و مجاهد عن جابر وابن عمر وابن عباس [ أن رسول الله A لم يطف بالبيت هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم إلا طوافا واحدا ] رواه الأثرم و ابن ماجة وعن سلمة قال : حلف طاوس ما طاف أحد من أصحاب محمد A للحج والعمرة إلا طوافا واحدا ولأنه ناسك يكفيه حلق واحد ورمي واحد وسعي واحد كالمفرد ولأنهما عبادتان من جنس واحد فإذا اجتمعا دخلت أفعال الصغرى في الكبرى كالطهارتين وأما الآية فإنه الأفعال إذا وقعت لهما فقد تما و أما الحديث الذي احتجوا به فلا نعلم صحته ورواه الدارقطني من طرق ضعيفة في بعضها الحسن بن عمارة وفي بعضها عمر بن يزيد وفي بعضها حفص بن أبي داود وكلهم ضعفاء وكفى به ضعفا معارضته لما روينا من الأحاديث الصحيحة وإن صح فيحتمل أنه أراد عليه طواف وسع فسماها طوافين فإن السعي يسمى طوافا قال الله تعالى : { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } ويحتمل أنه أراد عليه طوافان الزيارة وطواف الوداع .
فصل : وإن قتل القارن صيدا فعليه جزاء واحد نص عليه أحمد فقال : إذا قتل القارن في الحل اثنان ففي الحرم ينبغي أن يكون ثلاثة وهذا قول مالك و الشافعي وقال أصحاب الرأي : عليه جزاءان قال القاضي : وإذا قلنا عليه طوافان لزمه جزاءان .
ولنا قول الله تعالى : ومن قتله منكم متعمدا مثل ما قتل من النعم ومن أوجب جزاءان فقد أوجب مثلين ولأنه صيد واحد فلم يجب فيه جزاءان كما لو قتل المحرم صيدا ولأه لا يزيد على محرمين قتلا صيدا وليس عليهما إلا فداء واحد وكذلك محرم وحلال قتلا صيدا حرميا .
فصل : وإن أفسد القارن نسكه بالوطء فعله فداء واحد وبذلك قال عطاء و ابن جريج و مالك و الشافعي و إسحاق و أبو ثور ولا يسقط دم القران وقال الحكم عليه هديان ويتخرج لنا أن يلزمه بدنة وشاة إذا قلنا يلزمه طوافان وقال أصحاب الرأي : إن وطئ قبل الوقوف فسد نسكه وعليه شاتان للحج والعمرة ويسقط عنه دم القران .
ولنا أن الصحابة Bهم الذين سئلوا عمن أفسد نسكه لم يأمروه إلا بفداء واحد ولم يفرقوا ولأنه أحد الانساك الثلاثة فلم يجب في إفساده أكثر من فدية واحد كالآخرين وسائر محظورات الإحرام من اللبس والطيب وغرهما لا يجب في كل واحد منها أكثر من فداء واحد كما لو كان مفردا والله أعلم .
مسألة : قال : إلا أن عليه دما فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع .
هذا استثناء منقطع معناه لكن عليه دم فإن وجوب الدم ليس في الأفعال المنفيه بقوله وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد ولا نعلم في وجوب الدم على القارن خلافا إلا ما حكي عن داود أنه لا دم عليه وروي ذلك عن طاوس وحكى ابن المنذر أن ابن داود لما دخل مكة سئل عن القارن هل يجب عليه دم ؟ فقال : لا فجر برجله وهذا يدل على شهرة الأمر بينهم .
ولنا قول الله تعالى : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } والقارن متمتع بالعمرة إلى الحج بدليل أن عليا Bه لما سمع عثمان ينهى عن المتعة أهل بالحج والعمرة ليعلم الناس أنه ليس بمنى عنه وقال ابن عمر : إنما القران لأهل إلى فاق وتلا قوله تعالى : ذلك لمن لم أهله حاضري المسجد الحرام وقد روي [ عن النبي A قال من قرن بين حجه وعمرته فليهرق دما ] ولأنه ترفه بسقوط أحد السفرين فلزمه دم كالمتمتع وإذا عدم الدم فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع كالمتمتع سواء .
فصل : ومن شرط وجوب الدم عليه أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام في قول جمهور العلماء وقال ابن الماجشون عليه دم لأن الله تعالى إنما أسقط الدم وليس هذا متمتعا وليس هذا بصحيح فإننا قد ذكرنا أنه متمتع وإن لم يكن متمتعا فهو فرع عليه ووجوب الدم على القارن إنما كان بمعنى النص على المتمتع فلا يجوز أن يخالف الفرع أصله