ترك رمي الجمار .
فصل : والأولى أن لا ينقص في الرمي عن سبع حصيات لأن النبي A رمى سبع حصيات فإن نقص حصاة أو حصاتين فلا بأس ولا ينقص أكثر من ذلك نص عليه وهو قول مجاهد و إسحاق وعنه أن رمي بست ناسيا فلا شيء عليه ولا ينبغي أن يتعمده فإن تعمد ذلك تصدق بشيء وكان ابن عمر يقول : ما أبالي رميت بست أو سبع وقال ابن عباس : ما أدري رماها النبي A بست أو سبع وعن أحمد أن عدد السبع شرط ونسبه إلى مذهب الشافعي وأصحاب الرأي لأن النبي صلى اله عليه وسلم رمى بسبع وقال أبو حية : لا بأس بما رمى به الرجل من الحصى فقال عبد الله بن عمرو : صدق أبو حية وكان أبو حية بدريا ووجه الرواية الأولى ما روى ابن أبي نجيح قال : سئل طاوس عن رجل ترك حصاة قال : يتصدق بتمرة أو لقمة فذكرت ذلك لمجاهد فقال : إن أبا عبد الرحمن لم يسمع قول سعد [ قال سعد : رجعنا من الحجة مع رسول الله A بعضنا يقول رميت بست وبعضنا يقول بسبع فلم يعب ذلك بعضنا على بعض ] رواه الأثرم وغيره ومتى أخل بحصاة واجب ةمن الأولى لم يصح رمي الثانية حتى يكمل الأولى فإن لم يدر من أي الجمار تركها بنى على اليقين وإن أخل بحصاة غير واجبة غير واجبة لم يؤثر تركها .
مسألة : قال : ويفعل في اليوم الثاني كما يفعل بالأمس فإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل غروب الشمس فإن غربت الشمس وهو بها لم يخرج حتى يرمي من غد بعد الزوال كما رمى بالأمس .
وجملته أن الرمي في اليوم الثاني كالرمي في اليوم الأول في وقته وصفته وهيئته ولا نعلم فيه خلافا فإن أحب التعجيل في يومين خرج قبل الغروب وأجمع أهل العلم على أن من أراد الخروج من منى شاخصا عن الحرم غير مقيم بمكة أن ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق فإن أحب الإقامة بمكة فقال أحمد : لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة وكان مالك يقول في أهل مكة : من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين فإن أراد التخفيف عن نفسه من أمر الحج فلا ويحتج من ذهب إلى هذا بقول عمر Bه : من شاء من الناس كلهم أن ينفر الأول إلا آل خزيمة فلا ينفر إلا في النفر الآخر .
وجعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر إلا آل خزيمة أي أنهم أهل حرم مكة والمذهب جواز النفير في النفر الأول لكل أحد وهو قول عامة العلماء لقول الله تعالى : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } قال عطاء : هي للناس عامة وروى أبو داود و ابن ماجة عن عبد الرحمن بن يعمر [ أن رسول الله A قال : أيام منى ثلاثة فيمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ] قال ابن عيينة : هذا أجود حديث رواه سفيان وقال وكيع : هذا حديث أم المناسك وفيه زيادة أنا اختصرته ولأنه دفع من مكان استوى فيه أهل مكة وغيرهم كالدفع من عرفة ومن مزدلفة وكلام أحمد في هذا أراد به الاستحباب موافقة لقول عمر لا غير فمن أحب التعجيل في النفر الأول خرج قبل غروب الشمس فإن غربت قبل خروجه من منى لم ينفر سواء كان ارتحل أو كان مقيما في منزله لم يجز له الخروج هذا قول عمر و جابر بن زيد و عطاء و طاوس و مجاهد و أبان بن عثمان و مالك و الثوري و الشافعي و إسحاق و ابن المنذر وقال أبو حنيفة : له أن ينفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث لأنه لم يدخل اليوم الآخر فجاز له النفر كما قبل الغروب .
ولنا قوله تعالى : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه واليوم اسم للنهار فيمن أدركه الليل فما تعجل في يومين قال ابن المنذر : وثبت عن عمر أنه قال : من أدركه المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس وما قاسوا عليه لا يشبه ما نحن فيه فإنه تعجل في اليومين