مسألة : فصل : غسل الوجه ويدخل فيه الخد .
مسألة : قال : وغسل الوجه وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ويتعاهد المفصل وهو ما بين اللحية والأذن .
غسل الوجه واجب بالنص والإجماع وقوله من منابت شعر الرأس أي في غالب الناس ولا يعتبر كل واحد بنفسه بل لو كان أجلح ينحسر شعره عن مقدم رأسه غسل إلى حد منابت الشعر في الغالب والأقرع الذي ينزل شعره إلى الوجه يجب عليه غسل الشعر الذي ينزل عن حد الغالب وذهب الزهري إلى أن الأذنين من الوجه يغسلان معه لقوله عليه السلام : [ سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره ] أضاف السمع إليه كما أضاف البصر وقال مالك : ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه ولا يجب غسله لأن الوجه ما تحصل به المواجهة وهذا لا يواجه به قال ابن عبد البر لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك هذا ولنا على الزهري قول النبي A : [ الأذنان من الرأس ] وفي حديث ابن عباس والربيع والمقدام أن النبي A مسح أذنيه مع رأسه وقد ذكرناهما ولم يحك أحد أنه غسلهما مع الوجه وإنما أضافهما إلى الوجه لمجاورتهما له والشيء يسمى باسم ما جاوره ولنا على مالك أن هذا من الوجه في حق من لا لحية له فكان منه في حق من له لحية كسائر الوجه وقوله أن الوجه ما يحصل به المواجهة قلنا : وهذا يحصل به المواجهة في الغلام ويستحب تعاهد هذا الموضع بالغسل لأنه مما يغفل الناس عنه قال المروذي : أراني أبو عبد الله ما بين أذنه وصدغه وقال : هذا موضع ينبغي أن يتعاهد وهذا الموضع مفصل اللحي من الوجه فلذلك سماه الخرقي مفصلا .
فصل : ويدخل في الوجه العذار وهو الشعر الذي على العظم الناتئ الذي هو سمت صماخ الأذن وما انحط عنه إلى وتد الأذن والعارض وهو ما نزل عن جد العذار وهو الشعر الذي على اللحيين قال الأصمعي و المفضل بن سلمة : ما جاوز وتد الأذن عارض والذقن مجمع اللحيين فهذه الشعور الثلاثة من الوجه يجب غسلها معه كذلك الشعور الأربعة وهي الحاجبان وأهداب العينين والعنفقة والشارب فأما الصدغ وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار وهو ما يحاذي رأس الأذنان وينزل عن رأسها قليلا والنزعتان وهما ما انحسر عنه الشعر من الرأس متصاعدا في جانبي الرأس فهما من الرأس وذكر بعض أصحابنا في الصدغ وجها آخر أنه من الوجه لأنه متصل بالعذار أشبه العارض وليس بصحيح فإن الربيع بنت معوذ قالت : رأيت رسول الله A توضأ فمسح رأسه ومسح ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة فمسحه مع الرأس ولم ينقل أنه غسله مع الوجه ولأنه شعر متصل بشعر الرأس فكان منه فأما التحذيف وهو الشعر الداخل في الوجه ما بين انتهاء العذار والنزعة فهو من الوجه ذكره ابن جامد يحتمل أنه الرأس لأنه شعر متصل به والأول أصح لأن محله لو لم يكن عليه شعر لكان من الوجه فكذلك إذا كان عليه شعر كسائر الوجه .
فصل : وهذه الشعور كلها إن كانت بعضها كثيفا لا تصف البشرة أجزأه غسل ظاهرها وإن كانت تصف البشرة وجب غسلها معه وإن كان بعضها كثيفا وبعضها خفيفا وجب غسل بشرة الخفيف معه وظاهر الكثيف أومأ إليه أحمد C تعالى ومن أصحابنا من ذكر في الشارب والعنفقة والحاجبين وأهداب العينين ولحية المرأة وجها آخر في وجوب غسل باطنها وإن كانت كثيفة لأنها لا تستر ما تحتها عادة وإن وجد ذلك كان نادرا فلا يتعلق به حكم وهذا مذهب الشافعي ولنا أنه شعر ساتر لما تحته أشبه لحية الرجل ودعوى الندرة في الحاجبين والشارب والعنفقة غير مسلم بل العادة ذلك