التحلل من الإحرام .
مسألة : قال : فإذا فرغ من السعي فإن كان متمتعا قصر شعره ثم قد حل .
المتمتع الذي أحرمك بالعمرة من الميقات فإذا فرغ من أفعالها وهي الطواف والسعي قصر أو حلق ودق حل من عمرته إن لم يكن معه هدي لما روي ابن عمر قال : [ تمتع الناس مع رسول الله A بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله A مكة قال للناس : من كان معه هدي فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكمن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ] متفق عليه ولا نعلم فيه خلافا ولا يستحب تأخير التحلل قال أبو داود : سمعت أحمد سئل عمن دخل مكة معتمرا فلم يقصر حتى كان يوم التروية عليه شيء ؟ قال هذا لم يحل بعد يقصر ثم يهل بالحج وليس عليه شيء وبئس ما صنع .
فصل : فأما من معه هدي فليس له أن يتحلل لكن يقيم على إحرامه ويدخل الحج على العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا نص عليه أحمد وهو وقل أبي حنيفة وعن أحمد رواية أخرى أنه يحل له التقصير من شعر رأسه خاصة ولا يمس من أظفاره وشاربه شيئا وروي عن ابن عمر وهو قول عطاء لما روي [ عن معاوية قال : قصرت من رأس رسول الله A بمشقص عند المروة ] متفق عليه قال مالك و الشافعي في قول له التحلل ونحر هديه ويستحب نحره عند المروة وكلام الخرقي يحتمله لإطلاقه ولنا ما ذكرنا من حديث ابن عمر و [ روت عائشة قالت : خرجنا مع رسول الله A في حجة الوداع فأهللت بعمرة ولم أكن سقت الهدي فقال النبي A : من كان معه هدي فليهل بالحج مع عمرته ثم لا يحل حتى يحل منهما جمعيا ] و [ عن حفصة أنها قالت : يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك ؟ قال : إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر ] متفق عليه والأحاديث كثيرة وعن أحمد رواية ثالثة فيمن قدم متمتعا في أشهر الحج وساق الهدي قال : إن دخلها في العشر لم ينحر الهدي حتى ينحره يوم لنحر وإن قدم قبل العشر نحر الهدي وهذا يدل على أن المتمتع إذا قدم قبل العشر حل وإن كان معه هدي وإن قدم في العشر لم يحل وهذا قول عطاء رواه حنبل في المناسك وقال فينم لبد أو ضفر هو بمنزلة من ساق الهدي لحديث حفصة والرواية الأولى أولى لما فيها من الحديث الصحيح الصريح وهو أولى بالإتباع .
فصل : فأما المعتمر غير المتمتع فإنه يحل سواء كان معه هدي أو لم يكن سواء كان في أشهر الحج أو غيرها لأن النبي A اعتمر ثلاث عمر سوى العمرة التي مع حجته بعضهن في ذي القعدة وقبل كلهن في ذي القعدة فكان يحل فإن كان معه هدي نحره عند المروة وحيث نحره من الحرم جاز ل [ أن النبي A : كل فجاج مكة طريق ومنحر ] رواه أبو داود و ابن ماجة .
فصل : وقول الخرقي قصر من شعره ثم قد حل على أن المستحب في حق المتمتع عند حلة من عمرته التقصير ليكون الحلق للحج قال أحمد في رواية أبي داود : ويعجبني إذا دخل متمتعا أن يقصر ليكون الحلق للحج ولم يأمر النبي A أصحابه إلا بالتقصير فقال في حديث جابر : [ حلوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصروا ] وفي صفة حج النبي A فحل الناس كلهم وقصروا وفي حديث ابن عمر أنه قال : [ من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة وليقصر وليحلل ] متفق عليه وإن حلق جاز لأنه أحد النسكين فجاز فيه كل واحد منهما ويدل أيضا على أنه لا يحل إلا بعد التقصير وهذا ينبني على أن التقصير نسك وهو المشهور فلا يحل إلا به وفيه رواية أخرى أنه إطلاق من محظور فيحل بالطواف والسعي حسب وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى فإن ترك التقصير أو الحلق وقلنا هو نسك فعليه دم وإن وطئ قبل التقصير فعليه دم وعمرته صحيحة وبهذا قال مالك وأصحاب الرأي وحكي عن الشافعي أن عمرته تفسد لأنه وطئ قبل حلة من عمرته وعن عطاء قال : يستغفر الله تعالى .
ولنا ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصر قال : من ترك من مناسكه شيئا أو نسيه فليهرق دما قيل إنها موسرة قال : فلتنحر ناقة ولأن التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بتركه ولا بالوطء قبله كالرمي في الحج قال أحمد فيمن وقع على امرأته قبل تقصيرها من عمرتها تذبح شاة قيل عليه أو عليها ؟ قال : عليها هي وهذا محمول على أنها طاوعته فإن أكرهها فالدم عليه وإن أحرم بالحج قبل التقصير فقد أدخل على العمرة فيصير قارنا .
فصل : يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره وكذلك المرأة نص عليه وبه قال مالك وعن أحمد : يجزئه البعض مبنيا على اسمح في الطهارة وكذلك قال ابن حامد وقال الشافعي : يجزئه التقصير من ثلاث شعرات واختار ابن المنذر أنه يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير لتناول اللفظ له .
ولنا قول الله تعالى : { محلقين رؤوسكم } وهذا عام في جميعه ولأن النبي A حلق جميع رأسه تفسيرا لمطلق الأمر به فيجب الرجوع إليه ولأنه نسك تعلق بالرأس فوجب استيعابه به كالمسح فإن كن الشعر مضفورا قصر من رؤوس ضفائره كذلك قال مالك : تقصر المرأة من جميع قرونها ولا يجب التقصير من كل شعره لأن ذلك لا يعلم إلا بحلقه .
فصل : وأي قدر قصر منه أجزأه لأن الأمر به مطلق فيتناول الأقل وقال أحمد : يقصر قدر الأنملة وهو قول ابن عمر الشافعي و إسحاق و أبي ثور وهذا محمول على الاستحباب لقول ابن عمر : وبأي شيء قصر الشعر أجزأه وكذلك لو نتفه أو أزاله بنورة لأن القصد إزالته والأمر به مطلق فيتناول ما يقع عليه الاسم ولكن السنة الحلق أو التقصير اقتداء برسول الله A وأصحابه ويستحب البداية بالشق الأيمن نص عليه لما روى أنس [ أن رسول الله A قال : للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس ] رواه مسلم و [ كان النبي A يعجبه التيامن في شأنه كله ] متفق عليه قال أحمد : يبدأ بالشق الأيمن حتى يجاوز العظمين وإن قصر من شعره رأسه ما نزل عن حد الرأس أو مما يحاذيه جاز لأن المقصود التقصير وقد حصل بخلاف السمح في الضوء فإن الواجب المسح على الرأس وهو ما ترأس وعلا