شرائط صحة الطواف والكلام والذكر .
مسألة : قال : ويكون طاهرا في ثياب طاهرة .
يعني في الطواف وذلك لأن الطهارة من الحدث والنجاسة والستارة شرائط لصحة الطواف في المشهور عن أحمد وهو قول مالك و الشافعي وعن أحمد أن الطهارة ليست شرطا فمتى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما كان بمكة فإن خرج إلى بلده جبره بدم وكذلك بخرج في الطهارة من النجس والستارة وعنه فيمن طاف للزيارة وهو ناس للطهارة لا شيء عليه وقال أبو حنيفة : ليس شيء من ذلك شرطا واختلف أصحابه فقال بعضهم هو واجب وقال بعضهم هو سنة لأن الطواف ركن للحج فلم يشترط له الطهارة كالوقوف .
ولنا ما روى ابن عباس [ أن النبي A قال : الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ] رواه الترمذي و الأثرم وعن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله A قبل حجة الوداع يوم النحر يؤذن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولأنها عبادة متعلقة بالبيت فكانت الطهارة والستارة فيها شرطا كالصلاة وعكس ذلك الوقوف .
فصل : ولا بأس بقراءة القرآن في الطواف وبذلك قال عطاء و مجاهد و الثوري و ابن المبارك و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي وعن أحمد أنه يكره وروي ذلك عن عروة و الحسن و مالك .
ولنا أن عائشة روت أن النبي A كان يقول في طوافه : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } وكان عمر وعبد الرحمن بن عوف يقولان ذلك في الطواف وهو قرآن ولأن الطواف صلاة ولا تكره القراءة في الصلاة قال ابن المبارك : ليس شيء أفضل من قراءة القرآن ويستحب الدعاء في الطواف والإكثار من ذكر الله تعالى لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى ويستحب أن يدع الحديث إلا ذكر الله تعالى أو قراءة القرآن أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ما لا بد منه لقول النبي A : [ الطواف بالبيت صلاة فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير ] ولا بأس بالشرب في الطواف لأن النبي A شرب في الطواف رواه ابن المنذر وقال : لا أعلم أحدا منع منه .
فصل : إذا شك في الطهارة وهو في الطواف لم يصح طوافه ذلك لأنه في شرط العبادة قبل الفراغ منها فأشبه ما لو شك في الطهارة في الصلاة وهو فيها وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها أن شك في عدد الطواف بنى على اليقين قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك ولأنها عبادة فمتى شك فيها وهو فيها بنى على اليقين كالصلاة وإن أخبره ثقة عن عدد طوافه رجع إليه إذا كان عدلا وإن شك في ذلك بعد فراغه من الطواف لم يلتفت إليه كما لو شك في عدد الركعات بعد فراغ الصلاة قال أحمد : إذا كان رجلان يطوفان فاختلفا في الطواف بنيا على اليقين وهذا محمول على أنهما شكا فأما إن كان أحدهما تيقن حال نفسه لم يلتفت إلى قول غيره .
فصل : وإذا فرغ المتمتع ثم علم أنه كان على غيره طهارة في أحد الطوافين لا بعينه بنى الأمر على الأشد وهو أنه كان محدثا في طواف العمرة فلم يصح ولم يحل منها يلزمه دم للحلق ويكون قد ادخل الحج على العمرة فيصير قارنا ويجزئه الطواف للحج عن النسكين ولو قدرناه من الحج لزمه إعادة الطواف ويلزمه إعادة السعي على التقديرين لأنه وجد بعد طواف غير معتد به وإن كان وطئ بعد حلة من العمرة حكمنا بأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة ولا تصح ويلغوا ما فعله من أفعال الحج ويتحلل بالطواف الذي قصده للحج من عمرته الفاسدة وعليه دم للحق ودم للوطء في عمرته ولا يحصل له حج ولا عمرة ولو قدرناه من الحج لم يلزمه أكثر من إعادة الطواف والسعي ويحصل له الحج والعمرة